حديث الجمعة.     
          القدوة الحسنة.           ٢١
تابع موضوع بعض خصوصيات النبى صلى الله عليه وسلم
أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمع الماضية عن بعض خصوصيات النبى صلى الله عليه وسلم بشئ من الإجمال ووعدتك أن أحدثك فى هذه الجمعة عما حدثتك عنه إجمالا أن أحدثك عن بعضه تفصيلا
فأقول راجيّا من الله التوفيق 
والعفو عما لا يليق بغير قصد أو تحقيق 
والأصل فى هذا الكلام التحققُ من الكلام لأن كذبًا على الحبيب يُضلُ الطريق 
ويوقعُ صاحبه فى عقوبةٍ لا تليق
بمن يقتدى ويتأسى بسيدنا الحبيب
بعض خصوصياته التى ميّزه الله بها على سائر الأنبياء
ذكرت لك منها فيما مضى تفضيلهُ على الأنبياء وأخذ الميثاق عليهم  والَقسمُ بحياته وَخَاتمُ النبوة الموجود بين كتفيه
وسأذكر لك اليوم تفصيلاً بعض َخصائصه صلى الله عليه وسلم بشئ من التفصيل 
لقد اختص الله رسوله صلى الله عليه وسلم بخصائصَ انفرد بها على بقية الأنبياء والمرسلين تشريفًا وتعظيمًا مما يدل على جليل رتبته وعظيم منزلته عند ربه
ففى الدنيا آتاه الله القرآن الكريم المعجزة الخالدة ونصرهُ بالرعب وأرسله إلى الخلق كافة وختم به النبيين إلى غير ذلك مما سيأتى مفصلاً بإذن الله تعالى
وفي الآخرة أكرمهُ الله تعالى بالشفاعة العُظمى والوسيلةِ والفضيلةِ والحوضِ  وسِيادةِ ولدِ آدم إلى غير ذلك مما سيأتى مفصلاً بإذن الله تعالى
وقد قسّم العلماء رحمهم الله تعالى هذه الخصائص والكرامات التى انفرد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدة أنواع
النوع الأول ما اختصه الله تعالى به فى ذاته صلى الله عليه وسلم في الدنيا
النوع الثاني ما اختصه الله تعالى به فى ذاته صلّى الله عليه وسلم فى الآخرة
النوع الثالث ما اختُصّ به فى أمته
النوع الرابع ما اختُصّ به فى أمته فى الآخرة 
أما  ما اختصه الله به فى الدنيا فكثير على سبيل المثال عمومية الرسالة وقد كان الأنبياء والمرسلون يبعث كل واحد منهم إلى قومه خاصة وبعث صلى الله عليه وسلم إلى الناس عآمة قال تعالى حكاية عن قوم نوح (لقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۤ إِنِّیۤ أَخَافُ عَلَیۡكُمۡ عَذَابَ یَوۡمٍ عَظِیمࣲ)الاعراف٥٩
وقال تعالى حكاية عن قوم هود۞ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۤۚ الأعراف٦٥ وقال تعالى حكاية عن قوم صالح (وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَـٰلِحࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۖ قَدۡ جَاۤءَتۡكُم بَیِّنَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡۖ هَـٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَایَةࣰۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِیۤ أَرۡضِ ٱللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوۤءࣲ فَیَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ)الأعراف٧٣
وقال تعالى حكاية عن قوم لوط(وَلُوطًا إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦۤ أَتَأۡتُونَ ٱلۡفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنۡ أَحَدࣲ مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِینَ)الأعراف ٨٠  وقال تعالى عن قوم شعيب
وَإِلَىٰ مَدۡیَنَ أَخَاهُمۡ شُعَیۡبࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۖ )الأعراف٨٥       إلخ مع جميع الأنبياء مع أقوامهم
أما رسالته صلى الله عليه وسلم فقد كانت عامة إلى جميع البشرية عَربهم وعَجمهم  إنسهم وجنهُم وقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة تشير إلى ذلك قال تعالى (وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا كَاۤفَّةࣰ لِّلنَّاسِ بَشِیرࣰا وَنَذِیرࣰا وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ) ش سبأ٢٨
وعن خصوصياته بالرحمة للعالمين قال تعالى
(وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا رَحۡمَةࣰ لِّلۡعَـٰلَمِینَ) الأنبياء ١٠٧
وعن شمولية رسالته قال تعالى (قُلۡ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّی رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَیۡكُمۡ جَمِیعًا ٱلَّذِی لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۖ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ یُحۡیِۦ وَیُمِیتُۖ فَـَٔامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِیِّ ٱلۡأُمِّیِّ ٱلَّذِی یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَـٰتِهِۦ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ)الأعراف١٥٨
وعن كونه صلى الله عليه وسلم نذيراً العالمين قال تعالى (تبَارَكَ ٱلَّذِی نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِیَكُونَ لِلۡعَـٰلَمِینَ نَذِیرًا) الفرقان. ١
وأما رسالته إلى الجن دون غيره من الأنبياء فقد قال تعالى( وَإِذۡ صَرَفۡنَاۤ إِلَیۡكَ نَفَرࣰا مِّنَ ٱلۡجِنِّ یَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤا۟ أَنصِتُوا۟ۖ فَلَمَّا قُضِیَ وَلَّوۡا۟ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِینَ)ألأحقاف ٢٩
وعن جابر رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:أعطيتُ خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلى:نصرتُ بالرعب مسيرة شهر؛وجعلت لى الأرض مسجداً وطهوراً فأيّما رجلٌ من أمتى أدركته الصلاة فليصل؛وأُحلت لى المغانم ولم تحل لأحد قبلى؛وأُعطيتُ الشفاعة؛وكان النبى يُبعثُ إلى قومه خاصة وبعثت للناس عامة رواه البخارى وعند مسلم كان النبى يُبعثُ إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمرَ وأسودَ والمراد بذلك جميع العالم والمقصود بالأسود الحُبوش والزُنوج وغيرهم والمقصود بالأحمر هم البيض والعرب ؛والعرب تسمى الأبيض أحمر كما ذكره ابن الأثير فى جامع الأصول   
فإن قلت أيها القارئ الكريم كيف وصلت الدعوة إلى العجم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى (وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِیُبَیِّنَ لَهُمۡۖ فَیُضِلُّ ٱللَّهُ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُالحكيم) إبراهيم ٤
قلت لك كان الرسول صلى الله عليه وسلم عربياً والقرآن عربياً وكانت دعوته للملوك الأعاجم بالعربية كما حدث فى كتبه إلى هرقل وكسرى والمقوقس وكان لهم ترجمان يصل بهم إلى بر الأمان كما كان للنبى صلى الله عليه وسلم ترجمان كزيد ابن ثابت وابن عباس رضى الله عنهما وهو ترجمان القران ولسان حال البيان ببركة دعاء النبى العدنان اللهم فقِّهُ فى الدين وعلِّمه التأويل
وكانت رسالته العامة حجة على كل من وص







Share To: