عن أَبي موسى الأَشعَرِيِّ :
أَن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:
إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً .
متفقٌ عَلَيهِ.
إن مجالسة الصالحين والأخيار فيها خير العظيم ، وعلى المسلم البُعد عن مجالسة الأشرار؛ لأن مجالسة الأخيار تزيدك خيرًا، وتنفعك في الدنيا والآخرة، وضدهم بضد ذلك .
ولهذا قال ﷺ في الجليس الصالح:
إنَّ مثله كحامل المسك، إمَّا أن يُحذيك يعني: يُعطيك، وإمَّا أن تبتاع منه، وإمَّا أن تجد منه ريحًا طيبةً، أمَّا جليس السّوء فهو مثل نافخ الكِير، إمَّا أن يحرق ثيابَك، وإمَّا أن تجد منه ريحًا مُنتنةً.
هذا فيه الحثّ على مجالسة الأخيار، وأهل العلم، وأهل الخير والسيرة الحميدة، والبعد عن مجالسة الأشرار، وهذا أمرٌ واضحٌ، فالكل يعرف هذا، فمُجالسة الأخيار فيها الخير العظيم، ومجالسة الأشرار فيها الشر الكبير، فينبغي للمؤمن أن يحرص على مجالسة الأخيار، والحرص على صُحبتهم، والاستفادة من علمهم وسيرتهم، والحذر من صحبة الأشرار .
قال الحارث بن وجيه: سمعت مالك بن دينار يقول: إنك ان تنقل الحجارة مع الأبرار خير من أن تأكل الخبيص مع الفجار .
قال ثابت قال مطرف: لقاء اخواني احب إليَّ من لقاء اهلي ، أهلي يقولون :
يا أبي يا أبي، واخواني يدعون الله لي بدعوة أرجو فيها الخير .
يقول ابن القيم رحمه الله إن مجالسة الصالحين تحولك من ستة إلى ستة:
1- من الشك إلى اليقين.
2- ومن الرياء إلى الإخلاص.
3- ومن الغفلة إلى الذكر.
4- ومن الرغبة في الدنيا إلى الرغبة في الآخرة.
5- ومن الكبر إلى التواضع.
6- ومن سوء النية إلى النصيحة.
ولهذا نجد ان من ثمرات مجالسةالصالحين خير عظيم ومن هذه الثمرات :
1. إن من جالس الصالحين تشمله بركة مجالسهم ويعمه الخير الحاصل لهم وان لم يعمل عملهم .
قال بعض الحكماء : " من جالس خيرا أصابته بركته فجليس أولياء الله لا يشقى وان كان كلبا ككلب أصحاب الكهف " .
2. ومنها أن المرء مجبول على الاقتداء بجليسه والتأثر بعلمه وعمله وسلوكه ومنهجه قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
" المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " رواه أبو داود .
3. إن جليسـك الصالح يبصرك بعيوبك ويدلك على اوجه الضعف عندك قال الحسن رحمه الله :
" المؤمن مرآة أخيه إن رأى فيه مالا يعجبـه سـدده وقومه وحاطه وحفظه في السر والعلانية " .
4. انك تتعرف على اخطائك السلوكية وفي أمر العبادة من خلال مقارنة أعمالك بما عليه جليسك .
5. انك تكف بسبب جليسك الصالح عن المعصية .
6. انه يرشدك ويدللك على أمور من أمور الخير ينفعك العلم بها .
7. إن مجالستهم حفظ للوقت الذي هو الحياة وهو الوعاء لكل الأعمال .
8. إن جليسك الصالح يحفظك في حضرتك وغيبتك فلا يفشي لك سرا ولا ينتهك لك حرمة .
9.إن المرء بمجرد رؤيته الصالحين والأخيار يذكر الله تعالى .
قال عليه الصلاة والسلام :
" أولياء الله تعالى الذين إذا رأوا ذكر الله تعالى " .
قال قوس بن عقبة :
" إني كنت لألقى الأخ من إخواني فلأكون بلقيه عاقلا أياما " .
10 . انهم زين وانس لك في الرخاء وعدة في البلاء وخير معين لتخفيف همومك وحل مشكلاتك .
خرج بن مسعود رضي الله عنه مرة على أصحابه فقال :
" انتم جلاء حزني " .
وقال اكثم بن صيفي رحمه الله " لقاء الأحبة مسلاة للهم " .
وقال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه :
" عليك بإخوان الصدق فعش في اكنافهم فانهم زين في الرخاء وعدة في البلاء " .
11. إن مصاحبتك لأهل الخير سبب في دخولك ضمن الذين لا خوف عليهم يوم القيامة ولاهم يحزنون قال تعالى :
الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ، يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ .
الزخرف : 67 ، 68 " .
12 .انك تنتفع بدعائهم لك بظهر الغيب في حياتك وبعد مماتك .
قال عليه الصلاة والسلام :
" دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل " .
رواه مسلم .
وقال عبيدالله بن الحسين لرجل " استكثر من الصديق ـ يعني الصالح ـ فان ايسر ما تصيب أن يبلغه موتك فيدعو لك " .
13 .إن مجالس أهل الخير يهابها شياطين الأنس والجن قال عليه الصلاة والسلام :
" عليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية " .
أخرجه الإمام احمد
14.إن المجالسة والمصادقة والزيارة في الله سبب لمحبة الله تعالى كما في الحديث القدسي قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :
وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتبادلين في .
رواه مالك
15.إن مجالس الصالحين مجالس ذكر الله ـ عز وجل ـ قال صلى الله عليه وسلم :
" لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة نزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده " .
رواه مسلم
16.إن المرء بزيارته إخوانه في الله يطيب بنفسه ويطيب ممشاه ويتبوأ منازل عظيمة في الجنة قال صلى الله عليه وسلم :
" من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد :
أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا " .
أخرجه الترمذي
17.ومن ثمرات مجالسة الصالحين إنها تؤدي إلى محبتهم في الله والحب في الله له ثمرات عظيمة وآثار جليلة على النفوس وقد راتب الله عليه الأجور العظيمة والثواب الجزيل .
18 .وبالجملة فالجليس الصالح منفعة لك من كل وجه في دينك ودنياك كما قال عليه الصلاة والسـلام :
" المؤمن إن ماشــيته نفعك وان شـاورته نفعك وان شاركته نفعك وكل شيء من أمره منفعة " .
رواه أبو نعيم .
Post A Comment: