جميعنا سمعنا بتلك الأسطورة، فهي جزء لا يتجزء من ذلك الموروث الشعبي العتيق، ولكن بلا مجاملة أحيانًا تتشوه الحقائق القديمة فتصل إلينا محرفة تمامًا بعيدة كل البعد عن الأحداث الحقيقية التي وقعت، لذا اليوم نستعرض أحد أقدم الاساطير المنتشرة في أقطار مجتمعنا العربي على اختلاف مسميات بطلة الرواية، إلا أنها أصبحت احدى قصص الترهيب وبث الرعب في النفوس.......
من منا لم يصدق "حكاية أمنا الغولة" البعض ينسب تلك الأسطورة للعصر الفرعوني والبعض الآخر يراها نتاج حضارة بدائية وتناقلتها الألسنه حتى يومنا هذا....
تدور الأسطورة حسب الرواية الفرعونية حول "سخمت" آلهة الحرب والدمار والفزع ، وهي سيدة ذات رأس حيواني تخرج ليلًا من معبد الكرنك وتأكل الأطفال الذين يتجولون فى الشوارع لوقت متأخر....
أما الأسطورة الأخرى فتقول بأنها سيدة هجين نصف بشر نصف حيوان عندها يهبط الليل تتصرف كالحيوانات وتسعى لاشباع غرائزها، فتتصيد المتجولين ليلًا......
في كل من الاسطورتين المؤكد أنها سيدة.....
والآن لنستعرض حقيقة الأمر...
يقال قديمًا بأن سيدة في غاية الجمال توفي زوجها في ريعان شبابها، تركت قريتها وانتقلت إلى أخرى لتجنب طمع الرجال بها، لكنها لم تكن موفقه في الانتقال، حيث أنها لم تسلم من أعين الرجال، وفي إحدى المرات التي كانت تقوم فيها بالتسوق داخل أحد الدكاكين عرض عليها صاحب الدكان الزواج؛ فرفضت ونهرته ثم انصرفت، علمت زوجته بما حدث فاستعرت نيران غضبها وحينما واجهته لم ينكر الأمر بل أكده لها وطلب منها أن تحاول اقناعها وان نجحت سيكتب لها قطعة ارض جديدة باسمها، استقبلت حديثه كأنه طعنات صوبت إليها وعندما اعترضت ذكرها بأنها لا تنجب فابتلعت غصتها وانسحبت في هدوء....
كانت الزوجة تراقب زوجها بحذر، وفي كل محاولة رفض له من السيدة الجميلة كانت تطمئن أكثر، ولكنه عاد لها بوجهٍ مسرور، وطلب منها أن تستعد لزفافه فأخيرًا وافقت الحسناء على التفكير في طلبه...
كمن صب البنزين على النار المشتعلة، هاجت وماجت، وقلبت المنزل لساحة حرب، وهددته بأنها ستقتله إن تزوج عليها أخرى، لم يهتم، ودخل سريره، وسقط في النوم أما هي فظلت بجواره تبكي طوال الليل وانسحبت من جواره قبل شروق الشمس فهي لم تعد تطيقه، وفي الصباح كانت تستقبله بوجه عابث، لم يلقِ لها بالًا وخرج قاصدًا منزل عروسه الجديد، كان متلهفًا لسماع البشارة منها، ظل يطرق باب المنزل كثيرًا وفي النهاية نبش القلق بحوافره في قلبه كوحش كاسر فكسر باب المنزل ودخل يفتش عنها، فلم يجدها....
اختفت الحسناء إلى الابد وظل الزوج حزينًا على اختفائها، يروي أنه حينما دخل منزلها كان الاثاث محطمًا وكل شيءٍ ممزق ومهشم داخل المنزل، لا يمكن لعقل أن يستوعب كمية الدمار الذي حل بذلك المنزل، ولكنه وحده من رأي ووحده أيضًا من يصف؛ أغلق بعدها منزلها ورفض أن يدخله أحد على أمل منه أن تعود.
مرضت زوجته في احدى الليالي القمرية، وجلس بجوارها يطيبها على مضض منه ترقرقت الدموع من عينيها وطلبت منه ان يسامحها، ولكنه لم يعرها اهتمامًا نظرت حولها كأنها تبحث عن شيء ما وعادت بنظرها اليه واستطردت قائلة.....
- كان يجب عليّ التخلص منها فلا أتحمل أن تشاركني إحداهن فيم مطلقًا حتى وان كنت لا أُنجب أنت لي وحدي.
قبض على رقبتها بغضب، لقد أيقظت الوحش الخامد بداخله منذ فترة، سعلت بشدة ورجته أن يرخي قبضته علي رقبتها لتخبره بما حدث، رمقها بغضب وتركها فقالت....
- إنها الآن ملعونه لن تستطيع أن تظهر كالبشر مرة أخرى لن تفوز بقلوب الرجال، الآن هي وحشٌ كاسر يمزق الاطفال والمتجولين في الشوارع ليلًا، لن يقترب منها أي رجل مطلقًا ولن ترى ضوء النهار مجددًا. 
عندما أنهت حديثها كانت هناك مخالب تخترق اضلع صدرها وتعتصر قلبها ثم ألقت به خارج جسدها، ونظرت ذات المخالب للزوج ولم ترحمه بل قتلته هو الآخر وقطعت جثتهم وألقت بها في باحة القرية ثم اختفت ولم يرها أحدٌ بعد ذلك، بل يتذكرها المجتمع عندما يختفي الأطفال أو تظهر بعد الجثث في الشوارع.






Share To: