كرَّم الله بني آدم وفضَّلهم على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً ، واجتبَى منهم من خصَّه بالنبوة والرسالة ، واصطفَى من أولئك أفضلَهم نبينا محمدَ بن عبدالله صفوةَ بني هاشم فهو خيرٌ من خيارٍ .

اختاره الله لهذه الأمة لهدايتها إلى دين الله القويم وصراطه المستقيم، فكانت حياتُه  عليه الصلاة والسلام  عبادةً وشكرًا، ودعوةً وحلمًا، وابتلاءً وصبرًا تحلَّى فيها بخُلُقٍ سامٍ وفألٍ محمود .

شمائلُه عطِرةٌ وسيرتُه حافلة .

كثيرُ التعبُّد لله، قام بالطاعة والعبادة خيرَ قيام، قدَماه تتشقَّقُ من طول القيام .

كان جميلَ الصوت في تلاوة القرآن :

قال البراء  رضي الله عنه سمعتُ النبي  صلى الله عليه وسلم  يقرأ في العِشاء وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فما سمعتُ أحدًا أحسنَ صوتًا أو قراءةً منه متفق عليه. 

ولسانُه لا يفتُر عن ذكر الله :

 قالت عائشةُ  رضي الله عنها :

كان يذكر الله على كل أحيانه يُحبُّ الصلاة ويُوصِي بها .

وكان يحثُّ صغارَ الصحابة على نوافل الصلوات :

قال لابن عمر وهو فتى : 

«نِعم الرجلُ عبد الله لو كان يُصلِّي من الليل متفق عليه .

 يقينُه بالله عظيم ، مُوقِنٌ بأن كلام الله فيه شفاء ، إذا مرضَ يُرقِي نفسَه بكلام الله :

 قالت عائشة رضي الله عنها :

 كان إذا اشتكَى يقرأ على نفسه بالمُعوِّذات وينفُث .

متفق عليه.

مُعظِّمٌ للرسل من قبله :

قال له رجل: يا خير البرية فقال: 

«ذاك إبراهيم» .

رواه مسلم .

ونهى عن إطرائه وتعظيمه :

 فقال لا تُطروني كما أطرَت النصارَى ابنَ مريم، فإنما أنا عبدٌ فقولوا : عبدُ الله ورسوله .

رواه البخاري.

 يدعو كلَّ أحدٍ إلى هذا الدين ولو كان المدعو صغيرًا :

 زار غلامًا يهوديًّا فقعدَ عند رأسه وقال له أسلِم فأسلَم الغلام .

 رواه البخاري

 يتواضَعُ للصغير ويغرِسُ في قلبه العقيدة :

 قال لابن عباس : 

«يا غلام! إني أُعلِّمك كلمات :

 إحفظ الله يحفظك إحفظ الله تجِده تُجاهَك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله .

رواه الترمذي.

يتلطّفُ في تعليم صحابته ويُظهِر ما في قلبه من حبِّه لهم :

أمسك بيدِ مُعاذ وقال له:

 «والله إني لأُحبُّك، أُوصيك يا معاذ لا تدعنَّ في دُبُر كل صلاةٍ أن تقول : 

اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك» .

رواه النسائي

لا يُعنِّفُ ولا يتكبَّر ؛ بل صدره مُنشرحٌ لكل أحد ورفيقٌ بالشباب مُشفقٌ عليهم .

دَمثُ الأخلاق ليس بفاحشٍ ولا مُتفحِّشٍ في الألفاظ، ولا ينتقم لنفسه؛ بل يعفو ويصفَح، لم يضرب أحدًا في حياته .

قالت عائشة  رضي الله عنها ما ضربَ رسول الله  صلى الله عليه وسلم  شيئًا قطُّ بيده، ولا امرأةً ولا خادمًا، إلا أن يُجاهد في سبيل الله، وإذا خُيِّر بين أمرين أخذ أيسَرهما ما لم يكن إثمًا . 

طلْقُ الوجه واصال للرحم قالت له خديجة :

 «إنك لتصِلُ الرَّحِمَ، وتصدُق الحديث، وتحمِلُ الكلَّ، وتكسِبُ المعدوم، وتَقري الضيفَ، وتُعينُ على نوائب الحق .

يُوصِي بالجار ويحُثُّ على حُسن جواره وإكرامه، قال لأبي ذرٍّ:

 «إذا طبختَ مرقةً فأكثِر ماءَها وتعاهَد جيرانك» .

رواه مسلم. 

رقيقُ القلب رفيقٌ بمن تحته :

خدَمه أنسٌ عشر سنين فما قال له أفٍّ قط، ولا قال لشيءٍ صنعَه لم صنعتَ .

رحيمٌ بالضعفاء والمرضى ؛ كان يامر من يُصلِّي بهم أن يُخفِّف صلاتَه من أجلهم .

رؤوفٌ بالناس شديد الحِلم :

بالَ أعرابيٌّ جهلاً منه في مسجده، فتناولَه الناس فقال لهم : 

«دَعوه حتى يقضِي بولَه، وهَريقوا على بوله سجلاً من ماءٍ أو ذنوبًا من ماء؛ فإنما بُعِثتُم مُيسِّرين ولم تُبعَثوا مُعسِّرين .

رواه البخاري

كثيرُ البذل والعطاء لا يردُّ سائلاً ولا مُحتاجًا :

قال حكيمُ بن حزامٍ  رضي الله عنه  سألتُ رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فأعطاني، ثم سألتُه فأعطاني، ثم سألتُه فأعطاني .

متفق عليه.

كريمُ اليد واسعُ الجُود :

 جاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بين جبلَين، ورأى رجلٌ عليه بُردةً فقال: اكسنيها ما أحسنها فأعطاه إياها .

رواه البخاري.

طيبٌ لا يأكل إلا طيبًا، 

يُجِلُّ صحابته ويُعظِم مكانتهم وإن كانوا حديثي السن :

قال عن أسامة بن زيد وهو لم يتجاوز حينذاك الثامنة عشرة من عمره «أُوصيكم به فإنه من صالحيكم» .

رواه مسلم . 

وإذا مرِضَ أحدهم عادَه وحزنَ لمُصابه :

 زار سعد بن عبادة فوجدَ مرضَه شديدًا فبكى.

 وفيٌّ مع صحابته، لم ينسَ فضلَهم وإيثارهم، آخر يومٍ صعد فيه المنبر قال: «أُوصيكم بالأنصار .

وحفظَ لخديجةَ مواقفها العظيمة وبذلَها السخيّ وعقلَها الراجِح، فكان يذكرها بالخير بعد وفاتها ويصِل أقرباءها ويُحسِن إلى صديقاتها.

وأمر بسدِّ كل باب من البيت يُفتَح على المسجد النبوي سوى باب أبي بكرٍ رضي الله عنه وفاءً له.

ومع عِظَم أعباء ما أُوكِل إليه من الرسالة كان جميلَ المعشَر مع أهله مُتلطِّفًا معهم ، فإذا دخل بيتَه يكون في مهنتهم ، وإذا حضرَت الصلاة خرج إلى الصلاة .

رقيقٌ مع أولاده وأحفاده مُكرمٌ لهم، وكان يضعُ الحسنَ على عاتقه فيقول: 
«اللهم إني أُحبُّه فأحِبَّه» .

 متفق عليه .

وخرج على صحابته وبنتُ ابنته أمامةُ على عاتقه، فصلَّى بها فإذا ركع وضعها، وإذا رفع رفعها.

 متفق عليه .

وربطَ على بطنه الحجرَ من الجوع :

 قال عمر  رضي الله عنه  لقد رأيتُ رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يظلُّ اليومَ يتلوَّى، ما يجدُ من الدَّقَل أي: التمر الرديء  ما يملأ به بطنَه .

 رواه مسلم.

لاقَى من المِحن والشدائد أشقَّها؛ نشأ يتيمًا، وأُخرِج من بلده، وحُوصِر في الشِّعبِ ثلاث سنين، واختفَى في غارٍ، ومات له ستة من الولد، وتبِعَه قومُه في مُهاجَره وقاتلوه، ومكرَ به أهلُ النفاق، وسُقِي السمُّ، وعُمِل له السحر، وكان يقول:

 «أُخِفتُ في الله وما يُخافُ أحد، وأُوذيتُ في الله وما يُؤذَى أحد ومع ما لاقاه من تلك المصائب وغيرها .
كان مُتفائلاً في حياته ويقول:

 «يُعجِبني الفألُ والكلمةُ الحسنة .

 متفق عليه

نبينا صلى الله عليه وسلم قد أدَّى أمانةَ الرسالة ونصحَ لأمته .

سعادةُ الدارَين بطاعته عليه الصلاة والسلام وعلى قدر متابعته تكون الهداية والعزَّة والنجاة .
 قال عز وجل :

 وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا 

ومن أطاعه صلُح دينُه وحسُنت دنياه وانشرَحَ صدره ومن أحبَّ أن يكون رفيقَه في الآخرة فليكن مُقتفيًا أثرَه مُستنًّا بسنته .






Share To: