حينما يصُبُّ المطر تتراقصُ النُسيمات فرِحةً كأنها درويشٌ ينتشي بصوتِ ذكرهِ المُحبب، جلوسُكَ تحت المطرِ وإفتراشُكَ للحَنينِ على الطُرقاتِ، يهيِّج فيكَ الأحاسِيس المُترفةِ، فتنسابُ الذِّكريات من أعْلَى الجَسدِ إلى أخمصِهِ، بنفس ِتدفُّقِ المَاءِ الذي كسَى جسدكَ الهزيل، وبنفسِ حلاوة الجُلوس تَحت المطِر، تنشَأ علاقَة عكسية لوهلة تكتَسي طَور الفرحِ وتقتحمُ الشُعور بلطمةٍ خفيفةٍ من الحُزنِ، ولكنْ انسيابُ الذكريات البَطِئ سُرعان ما يتحولُ إلى حالةِ اكتساح وفجأةً تتولدٌ عندكَ الرغبةُ في الصُراخ، يقال بأن الصراخَ الفِجائي بمثابةِ انعاشٍ لقلبٍ مات منذ زمنٍ بعيد.
لا شيء أسوأ من الحُزنِ الذي يُخيمُ فجأةً،
الذِكرى الجميلة تُمثلُ ضيف عابر تُكرِمهُ بابتسامةٍ عاجِلة وسُرعان ما تنتهي اللحظة برحيلِ الضيفِ، ولكن الذكرى السيئة تبقىٰ لأيامٍ أو سنوات كمثلِ ضيفٍ ثقِيل لا تُطيقهُ أتى برَحْلهِ إلى الديارِ، كلتا الضيفانِ سيرحلانِ لا مَحالة ولكن أحداً منهم سيخلفُ جرحاً كبيراً، لا استطيع الجزمَ بأن الجرحَ لن يشفى لأنني لستُ طبيبًا ولكني أعرفُ أن الجرح حتى وإن طاب سيتركُ أثرًا، كل تلك الأحاسيسِ تتولدُ وأنت تحت المطرِ؛ وتبدأ بتروِّى من أولِ قطرةٍ تُداعبُ خدكَ إلى أن تختلط دموعك بالمطر.
الطرقُ الوحِلة والآثار التِي تُخَلَّفُ عَليها بعدَ هُطولِ المَطر ليسَت إلاَّ نَتاج فعل فاعل، بنفس تلك النظرية فالذكرياتُ السيئة ماهي إلاَّ نَتاج لدغةِ أفعَى تدُسُّ فيكَ السُمّ الذِي لن يقتلكَ ولكن! سيجعلكَ تُعاني منهُ لفتراتٍ طويلة.
5:53pm
3.8.2021
#الفاروقــــي 🖋️
Post A Comment: