العشب دائمًا أكثر اخضرارًا على الجانب الآخر، أليس كذلك؟
هكذا يرى الناس المشاهير من علماء وفنانين ورياضيين وغيرهم . فمن هو المشهور؟ المشهور هو من يعرفه كثيرون ممن يسعده أنه لا يعرفهم. هكذا قال بايرون. ويرى المعري أن المشهور يصيبه الغرور والعزة بالنفس فينشد واصفا حال المشهور:
وقد سار ذكري في البلاد فمن لهم….بإخفاء شمس ضوؤها متكامل
فهل جمال المرء في شهرته؟ يجيب أبو العلاء المعري: جمال المجد أن يثنى عليه ** ولولا الشمس ما حسن النهار. فجمال المرء يبنى على فعله وما يحققه من نفع ومجد. ثم يبين المعرى أن المجد لله عز وجل ذو النعم والأفضال التي لا حصر لها.
والمجد لله لا خلق يشاركه ** وال حواء ما طلبوا ولا مجدوا
أما إلى كل شر فانتبهوا ** بل لم يناموا ولكن عن تقى هجدوا
ومما لا شك فيه أن المشهور فى لحظة صدق مع نفسه سيحاور ذاته ، بعد أن يرتوى ظمأه من الشهرة والزحام الكاذب حوله ، ليحاول أن يعرف ما هو أكثر شيء يسعده في هذه الدنيا ..؟ المال .. الجاه .. النساء .. الحب .. الشهرة .. السلطة .. تصفيق الآخرين . يقول دكتور مصطفى محمود: إذا كنت جعلت سعادتك في هذه الأشياء فقد استودعت قلبك الأيدي التي تخون و تغدر و ائتمنت عليها الشفاه التي تنافق و تتلون.
لست ضد الشهرة والمشاهير لسبب بسيط جدا وهو أن من بينهم أناس يحققون أمجاد علمية ورياضية عريقة وفى مجالات شتى. أناس لم ينال الكبر والغرور والغطرسة من قلوبهم وأرواحهم الذكية. ولكن للأسف هم قلة قليلة. فمجد الحكماء يعترف به التاريخ متأخرا، لكنه لا ينكره. بل بعض المشاهير يستحق الشفقة والرثاء كما سيعرض المقال.
ويقول لاونسو أن : الحكيم يرهب الشهرة مثلما يرهب الفضيحة. لأنه يعلم أن شهرته هذه مضلله وقد تؤدى به للهلاك فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه. لذلك يؤكد أحمد شوقي حقيقة حين قال:
تغطي الشهرة على العيوب ، كالشمس غطى نورها على نارها
أخطر ما في الشهرة أنها أفة قد تفقد المشهور أسباب شهرته. فكيف سينمى موهبته التي كانت سبب شهرته ومعرفة العالم به وسط صخب وضغوط وضريبة الشهرة؟! لو كانت موهبتك في شيء ما هي من أظهرتك وأشهرتك على العالم، والعالم يبغي المزيد منك فإن لم تأخذ حذرك ستتحول الموهبة بالتدريج لمجرد عمل لا أكثر وستفقد لمستك السحرية التي كانت السبب الرئيسي لشهرتك.
للشهرة عيوب وأفات منها المشهورين غالباً وحيدين لأن علاقتهم تقريباً كلها مؤقته وتعتمد على السطحية في العلاقة وليس العمق. فمن الواضح أن هؤلاء المشاهير دائمين الانتقال وغير مستقرين في حياتهم أبداً، لذلك هم يعيشون دائماً الوحدة حتى لو كانوا في وسط الكثير من الناس والمعجبين لكنهم في الحقيقة النفسية داخلهم يفتقدون لهؤلاء الأصدقاء الحقيقين.
كونك من المشاهير أو ببساطة أن تكون مشهورًا له مزاياه وعيوبه. التصور الشائع هو أن المشاهير والشخصيات الشهيرة لديهم كل شيء في الحياة.
الحقيقة هي أن هناك العديد من الجوانب السلبية والعيوب لكونك من المشاهير كما يوجد عدد من الفوائد. من قال أن كونك مشهورًا كان دائمًا ممتعًا؟
فى الواقع هناك مزايا بارزة تغرى البعض لكى يصبح من المشاهير:
1. يحصل المشاهير على معاملة خاصة أينما ذهبوا. يتم منح المشاهير ميزة كونهم العملاء المفضلون في كل مكان يذهبون إليه - وهذا هو بالضبط سبب كون ميزة الشهرة مغرية للغاية.
2. أن تكون مشهوراً يعني عموماً أن تكون أكثر ثراءً. من بين المزايا الواضحة لكونك مشهورًا أن الشهرة تجلب الكثير من الثروة عمومًا. تتحول المنازل والسيارات الفاخرة والهدايا الفاخرة والملابس باهظة الثمن وغيرها من الملذات المادية للحياة من حلم إلى حقيقة عندما يصبح الناس مشاهير. ننسى المنازل - من المعروف أيضًا أن المشاهير يمتلكون جزرًا بأكملها.
3. يتم التعرف على المشاهير أينما ذهبوا. يتم التعرف على المشاهير في كل مكان يذهبون إليه. هذه ميزة لأن الناس غالبًا ما يعانون من زيادة كبيرة في الأنا عندما يتعرف عليهم المارة بشكل عشوائي.
4. المشاهير لديهم معجبين. المعجبون هم الأشخاص الذين يعشقون أصنامهم من المشاهير. المعجبين وأشكال التقدير الأخرى التي يتلقاها المشاهير يمكن أن تكون ملهمة وتحفيزية ومتواضعة للغاية. بعد كل شيء ، من منا لا يرغب في أن يكون له معجبوه وأتباعه ؟
5. تظهر العديد من الفرص عندما يصبح الناس مشهورين. عندما يصبح الناس مشهورين ، تظهر المزيد من الفرص في الحياة ، سواء كانت مرتبطة بالوظيفة أم لا. على سبيل المثال ، شخص مثل مايكل جوردان يكسب لقمة العيش ليس فقط من لعب الكرة. كان أيضًا وجه شركة Nike وروج للعديد من العلامات التجارية الأخرى.
لكن هناك عيوب تعكر صفو الشهرة والمشاهير منها:
1. المشاهير لا يستطيعون فعل الأشياء التي يستطيع الشخص العادي القيام بها. ماذا تعتقد أن يحدث إذا ذهبت ممثل شهير إلى السوبر ماركت في يوم عادي؟ سوف يتم مهاجمته ومطاردته للحصول على التوقيعات والصور. المشاهير وغيرهم من المشاهير لا يمكنهم أن يعيشوا حياة الناس العاديين. قد يُجبرون على العيش في عالمهم الصغير المنعزل ، ولن يتمكنوا عمومًا من فعل الأشياء التي يستطيع شخص عادي القيام بها. يمكن أن يمنع هذا العيب المشاهير من الانغماس في ملذات الحياة الصغيرة ومباهجها، وهذا أمر محبط بلا شك.
2. أن تكون مشهوراً يمكن أن يجذب الملاحقين. لقد سمعنا جميعًا عن تلك الحالات السيئة لمطاردة المشاهير التي خرجت عن نطاق السيطرة. غالبًا ما يتم متابعة المشاهير أو مضايقتهم عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني أو البريد من قبل المعجبين أو المتابعين الذين يتجاوزون الحدود ويصبحون مهووسين. يمكن أن يتحول الهوس إلى تهديدات وحتى أذى جسدي.
3. مكانة المشاهير يمكن أن تجذب الكثير من الأصدقاء المزيفين. من وجهة نظر المشاهير ، أصبح من الصعب جدًا فصل الشخص الحقيقي عن الصديق المزيف الذى يسعى لتحقيق مكاسب شخصية. كما يتخيل المرء ، ستكون تجربة محطمة للأعصاب لفحص كل فرد يأتي إلى حياتهم. ستترجم حرفيًا إلى البقاء على أهبة الاستعداد كل ساعة ودقيقة وثانية من اليوم.
4. يحكم الناس باستمرار على المشاهير. تحكم الصحف الشعبية والمجلات والصحف والمدونات وغيرها من وسائل الإعلام باستمرار على المشاهير بناءً على شخصياتهم وعاداتهم وأجسادهم وغير ذلك الكثير. قراءة الأكاذيب المهينة والوقحة والبذيئة والمهينة عن الذات هي جزء لا يتجزأ من الروتين اليومي للمشاهير. من وجهة نظر الشخص العادي ، فإن الأمر يشبه وجود مليون شخص يتحدثون خلف ظهرك بشكل يومي. تخيل مدى صعوبة هذا الأمر إذا تحدثت صحيفة عن كم أنت سمين أو كم أنت مهلهل.
5. المشاهير لا يتمتعون بالخصوصية. إذا كانت كيم كارداشيان ترتدي البيكيني وخرجت على شواطئ ميامي لالتقاط بعض أشعة الشمس ، فإن العالم بأسره سوف يعرف ذلك. إذا توجه أرنولد شوارزنيجر لركوب دراجته النارية في يوم مشمس ، فستنتشر صوره في الصحف. ختاما. يجب أن تكون الشهرة نعمة ، ولكن إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح فقد تصبح عبئًا. النضج إلى حد كبير يحدد ما تصنعه من الشهرة ، وماذا ستخرج منها. الشهرة يمكن أن تكون مثل سيف ذو حدين حقًا.
Post A Comment: