انتظر أفراد المجموعة في نفس المكان من المقهى لتناول قهوة الصباح كعادتي. كان يجلس المقابل نفس الشخص الذي أعرف  الكثير عن ماضيه أو بمعنى أصح  أنا على علم ببعض مكنون نفسه المضطربة، لم يتغير شيء قط في حياته منذ فترة طويلة تستطيع أن تصف حاله بأنه يراوح مكانه، وأعتقد أيضاً أنه لن يكون تغيير وإذا حدث فهوا للأسوأ فهو بالفعل لم يكن حاله منذ فترة بهذا: الذبول والانطفاء الداخلي لم يكن بهذا التشتت والضياع والحيرة التي أصبح لها اليد الطولي والسيطرة عليه ينظر إلى اللاشئ تدور عينيه يمنه ويسره ينظر إلى أعلى وأسفل لا تستطيع أن تصف حالته حتى على التقريب، فهو لا يستقر على حال إلى فى لمح البصر هذه الحالة التي هو عليها نتيجة طبيعية لتردده في اتخاذ أي قرار يخص حياته الخربة يفعل ذلك في ذهنه فقط  بشأن أي أمر يخص ذاته  ويتمناه لنفسه ثم يعدل عن قراره مرة أخرى في لمح البصر ،بعد أن يتمثله في ذهنه مفاضلا بينه وبين ممكنات كثيرة يمكن تحقيقها على أرض الواقع ثم يعيش بداخل تجربة الممكنات واحد بعد الأخرى ثم يحكم علي كل تجربة من خلال ما تركته هذه التجارب على نفسه من قبول ورفض لها حتي وإن كانت عشرين ممكنا  فتستهلك هذه الممكنات قوته ليكون ضجيج عقلي  وصراع نفسي أشد فتكا من للتجربة المعاشة على أرض الواقع .
يظل يختار ويفاضل ويقارن  يعيش و في رأسه في زحام، وبداخل قلبه في انكسار، أما نفسه وروحة في وحدة مخيفة  تقف  في مواجهة الكون والوجود عارية تماماً ...تقتات كل هذه التجارب وتستمد وجودها وقوتها من روحه ونفسه الهشة قبل جسده الأكثر ضعفاً ،حتى تحول لشبح إنسان، أو مختبر لتجارب ذهنية أشد فتكا من ثورة تبنع داخله ، وحمم بركانية أغوار نفسه ساحتها وأرض معركتها تلتهمه نيرانها ليل نهار ، لا يشعر أنه يعيش احتياطي ليس لاعب داخل مستطيل الحياة تنقح فيها كل تجربة سابقتها وكل نجاح فيها هو ناتج عدة خطوات من الفشل ،لم يدري أن بتركه تقرير مصيره بنفسه، هو: إقرار وشيك على بياض على الخروج من الحياه من أوسع أبوابها ...... هو ابن بار لكل   نظريات العدم و فلاسفة التشاؤم العاكف على كتبهم المتبني نظرياتهم ... فقد عاش حيواة كثيرة متخيلة حتى استهلكته وأتت عليه كلية لم تبقي منه  إلا بصيص من نور خافت يوشك على الانطفاء  ما زلت أتجول داخل عقله ونفسه حتى غبت عن الواقع. لم أشعر بوجود أصدقائي ولأول مرة تبرد القهوة التي أقبض على كوبها حتى نبهني أحدهم..







Share To: