فى هذا البرد الشديد مَن أراد أن يترخص بالمسح على الجورب - الشراب - فليفعل ..
فالقاعدة عند أهل العلم تقول :
مَن ابتُلِىَ بشيىء من الخلاف فلْيقلد مَن أجاز ..
فإذا أراد التعامل فقهيا مع هذا البرد الشديد ، فليتوضأ أولا ، ثم يلبس الجورب ، فإذا أحدث بعد لبسه الجورب على طهارة ، فيجوز له المسح عليه يوم وليلة ..
#ومتى تبدأ هذه المدة ؟
فيها خلاف بين العلماء :
وأختار القول بأنها تبدأ من أول مسحٍ على الجورب ، وليس من وقتِ لبْس الجورب ..
#وهل القول بجواز المسح على الجورب قولا معتبرا ؟
نعم ، هو قول معتبر ، قال به محدِّثون وفقهاء ..
فقد ذَهَبَ الجمهورُ إلى جوازِ المسح على الجوربين بشرطِ أَنْ يكونا غيرَ رقيقين، وإنما صفيقين ساترَيْن لِمَحَلِّ الفرض ..
#وعُمْدَتُهم في الاشتراط:
القياسُ على الخفِّ المخرَّقِ في عَدَمِ جوازِ المسح عليه مِنْ جهةٍ ، ولأنَّ ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ كُلَّ ما يُرى منه مَواضِعُ الوضوءِ التي فَرْضُها الغَسْلُ فإنه لا يُمْسَحُ عليه ؛ لأنه لا يجوز اجتماعُ غَسْلٍ ومَسْحٍ ؛ فغُلِّبَ حكمُ الغَسْلِ وبَطَلَ حكمُ المسح.
🌲وقد ذَهَبَ كثير من أهلِ التحقيق إلى جوازِ المسح على الجوربين مطلقًا ولو كانا رقيقين أو غيرَ صفيقَيْن ساترَيْن لِمَحَلِّ الفرض .
وهو ظاهِرُ مذهبِ ابنِ حزمٍ وبه قال ابنُ تيمية وغيرُهما..
#وعُمْدَتُهم في تقريرِ هذا الحكم :
حديثُ المُغيرةِ بنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قال :
«تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» .
ولأنه ثَبَتَ المسحُ على الجوربين مِنْ غيرِ اشتراطٍ عن عددٍ كبيرٍ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم.
#قال أبو داود :
«ومَسَحَ على الجوربين : عليُّ بنُ أبي طالبٍ ، وابنُ مسعودٍ ، والبراءُ بنُ عازبٍ ، وأنسُ بنُ مالكٍ ، وأبو أُمامةَ ، وسهلُ بنُ سعدٍ ، وعمرُو بنُ حُرَيْثٍ ، ورُوِيَ ذلك عن عُمَرَ بنِ الخطَّاب وابنِ عبَّاسٍ» .
ولا يُعْلَمُ لهم مِنَ الصحابةِ رضي الله عنهم فيه مُخالِفٌ ؛ فكان إجماعًا وحجَّةً على ما تَقرَّرَ أصوليًّا .
كما أنه ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ ثَبَتَ عن بعض الصحابة والتابعين أَنْ لا فَرْقَ بين الجوربين والخفَّيْن في الترخيص ، أو هما بِمَثابةِ الخفَّيْن في الحكم ومِنْ هذه الآثار :
#عن الأزرق بنِ قيسٍ قال :
«رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَحْدَثَ ؛ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ، وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْنِ مِنْ صُوفٍ ؛ فَقُلْتُ : «أَتَمْسَحُ عَلَيْهِمَا ؟
فَقَالَ : «إِنَّهُمَا خُفَّانِ ، وَلَكِنَّهُمَا مِنْ صُوفٍ ».
#وعن يحيى البَكَّاءِ قال :
«سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ :
«المَسْحُ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ كَالمَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ ».
#وعَنْ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ :
سَأَلْتُ نَافِعًا -مولَى ابنِ عُمَرَ- عَنِ المَسْحِ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ فَقَالَ : «هُمَا بِمَنْزِلَةِ الخُفَّيْنِ».
#وعَنْ عَطَاءٍ قَالَ :
«المَسْحُ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ بِمَنْزِلَةِ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ» .
ثم إن الاحتجاج بأنَّ المسح على الخفِّ ثَبَتَ رخصةً .
وسبب الترخيصِ إنما هو الحاجةُ ، وهي موجودةٌ في المسح على الجوربين وغيرِهما ممَّا هو مِنْ غيرِ الجلد ..
#وخلاصة_أقوال_العلماء_في_حكم_المسح_على_الجوربين_ثلاثة :
#الأول:
أنه لا يجوز المسح عليهما إلا أن يكون عليهما نعل جلد ، وهو مذهب أبي حنيفة (ثم رجع عنه) ومالك والشافعي وقالوا : لأن الجورب لا يسمى خفًّا ، فلا يأخذ حكمه.
#الثاني:
يجوز المسح عليهما بشرط أن يكونا صفيقين (ثخينين) ساترين محل الفرض ، وهو مذهب الحسن وابن المسيب وأحمد بن حنبل والصاحبين أبي يوسف ومحمد.
#الثالث:
يجوز المسح على الجَوربين مطلقًا ولو كانا رقيقين : وهو ظاهر مذهب ابن حزم ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ...
#والذى أختاره فى هذه المسألة تقليدا هو القول الثالث ، وهو المسح على أى جورب ، سواء كان سميكا ثقيلا أم خفيفا كأغلب جواربنا ..
وأرشد القارىء البحث عن شراب ثقيل ليمسح عليه ، خروجا من الخلاف ..
هذا باختصار ، والله أعلم ..
#وأنصح القارىء بقراءة رسالة القاسمى رحمه الله التى بعنوان :
المسح على الجوربين والنعلين .
فإنها نافعة بأمر الله ..
وهناك أبحاث جديدة ممتازة للغاية أيضا ..
Post A Comment: