فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "المسح على الجورب الشراب" 


فى هذا البرد الشديد مَن أراد أن يترخص بالمسح على الجورب - الشراب - فليفعل ..
فالقاعدة عند أهل العلم تقول :

مَن ابتُلِىَ بشيىء من الخلاف فلْيقلد مَن أجاز  ..

فإذا أراد التعامل فقهيا مع هذا البرد الشديد ، فليتوضأ أولا ، ثم يلبس الجورب ، فإذا أحدث بعد لبسه الجورب على طهارة ، فيجوز له المسح عليه يوم وليلة ..

#ومتى تبدأ هذه المدة ؟

فيها خلاف بين العلماء :

وأختار القول بأنها تبدأ من أول مسحٍ على الجورب ، وليس من وقتِ لبْس الجورب ..

#وهل القول بجواز المسح على الجورب قولا معتبرا ؟

نعم ، هو قول معتبر ، قال به محدِّثون وفقهاء ..

فقد ذَهَبَ الجمهورُ إلى جوازِ المسح على الجوربين بشرطِ أَنْ يكونا غيرَ رقيقين، وإنما صفيقين ساترَيْن لِمَحَلِّ الفرض ..

#وعُمْدَتُهم في الاشتراط: 

القياسُ على الخفِّ المخرَّقِ في عَدَمِ جوازِ المسح عليه مِنْ جهةٍ ، ولأنَّ ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ كُلَّ ما يُرى منه مَواضِعُ الوضوءِ التي فَرْضُها الغَسْلُ فإنه لا يُمْسَحُ عليه ؛ لأنه لا يجوز اجتماعُ غَسْلٍ ومَسْحٍ ؛ فغُلِّبَ حكمُ الغَسْلِ وبَطَلَ حكمُ المسح.

🌲وقد ذَهَبَ كثير من أهلِ التحقيق إلى جوازِ المسح على الجوربين مطلقًا ولو كانا رقيقين أو غيرَ صفيقَيْن ساترَيْن لِمَحَلِّ الفرض .

وهو ظاهِرُ مذهبِ ابنِ حزمٍ وبه قال ابنُ تيمية وغيرُهما..

#وعُمْدَتُهم في تقريرِ هذا الحكم : 

حديثُ المُغيرةِ بنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قال :

 «تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» .

ولأنه ثَبَتَ المسحُ على الجوربين مِنْ غيرِ اشتراطٍ عن عددٍ كبيرٍ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم.

#قال أبو داود : 

«ومَسَحَ على الجوربين : عليُّ بنُ أبي طالبٍ ، وابنُ مسعودٍ ، والبراءُ بنُ عازبٍ ، وأنسُ بنُ مالكٍ ، وأبو أُمامةَ ، وسهلُ بنُ سعدٍ ، وعمرُو بنُ حُرَيْثٍ ، ورُوِيَ ذلك عن عُمَرَ بنِ الخطَّاب وابنِ عبَّاسٍ» .

ولا يُعْلَمُ لهم مِنَ الصحابةِ رضي الله عنهم فيه مُخالِفٌ ؛ فكان إجماعًا وحجَّةً على ما تَقرَّرَ أصوليًّا .

كما أنه ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ ثَبَتَ عن بعض الصحابة والتابعين أَنْ لا فَرْقَ بين الجوربين والخفَّيْن في الترخيص ، أو هما بِمَثابةِ الخفَّيْن في الحكم ومِنْ هذه الآثار :

#عن الأزرق بنِ قيسٍ قال : 

«رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَحْدَثَ ؛ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ، وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْنِ مِنْ صُوفٍ ؛ فَقُلْتُ : «أَتَمْسَحُ عَلَيْهِمَا ؟

فَقَالَ : «إِنَّهُمَا خُفَّانِ ، وَلَكِنَّهُمَا مِنْ صُوفٍ ».

#وعن يحيى البَكَّاءِ قال : 

«سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : 

«المَسْحُ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ كَالمَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ ».

#وعَنْ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ : 

سَأَلْتُ نَافِعًا -مولَى ابنِ عُمَرَ- عَنِ المَسْحِ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ فَقَالَ : «هُمَا بِمَنْزِلَةِ الخُفَّيْنِ».

#وعَنْ عَطَاءٍ قَالَ :

 «المَسْحُ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ بِمَنْزِلَةِ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ» .

ثم إن الاحتجاج بأنَّ المسح على الخفِّ ثَبَتَ رخصةً .
وسبب الترخيصِ إنما هو الحاجةُ ، وهي موجودةٌ في المسح على الجوربين وغيرِهما ممَّا هو مِنْ غيرِ الجلد ..

#وخلاصة_أقوال_العلماء_في_حكم_المسح_على_الجوربين_ثلاثة :

#الأول:

 أنه لا يجوز المسح عليهما إلا أن يكون عليهما نعل جلد ، وهو مذهب أبي حنيفة (ثم رجع عنه) ومالك والشافعي وقالوا : لأن الجورب لا يسمى خفًّا ، فلا يأخذ حكمه.

#الثاني: 

يجوز المسح عليهما بشرط أن يكونا صفيقين (ثخينين) ساترين محل الفرض ، وهو مذهب الحسن وابن المسيب وأحمد بن حنبل والصاحبين أبي يوسف ومحمد.

#الثالث:

 يجوز المسح على الجَوربين مطلقًا ولو كانا رقيقين : وهو ظاهر مذهب ابن حزم ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ...

#والذى أختاره فى هذه المسألة تقليدا هو القول الثالث ، وهو المسح على أى جورب ، سواء كان سميكا ثقيلا أم خفيفا كأغلب جواربنا ..

وأرشد القارىء البحث عن شراب ثقيل ليمسح عليه ، خروجا من الخلاف ..

هذا باختصار ، والله أعلم ..

#وأنصح القارىء بقراءة رسالة القاسمى رحمه الله التى بعنوان :

 المسح على الجوربين والنعلين .

فإنها نافعة بأمر الله ..

وهناك أبحاث جديدة ممتازة للغاية أيضا ..






Share To: