الكاتب السوداني أحمد الصديق يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "ثرثارٌ عابر" 


بينما كنتُ اَتجولُ في أزقة الذكريات، تمرُّ عليَّ بحُلوها و مرِّها.
أسمع صوتًا ينادي عليَّ، قائلًا: يُمكن أن نتشاركَ الطريق بحدثٍ يسحبُ كلانا من هذا الإكتئاب.
-حسنًا: لماذا تبدو متضجرًا، متحسرًا، تتحدثُ لنفسكَ.
=أنا أنت تمزح هل حقًا يبدو عليَّ كلُّ هذا؟!
-ربما أكثرُ بقليلٍ لو نظرتُ لعيناك، فهي تثور من كثرة الخيبات، و الدمعُ منها يكاد يشعلُ حربًا على خدِّكَ.
=عيناي ليستْ بهذا الحزن، و قلبي أيضًا ليس محطمًا كما تظن، فقط هذه التجاعيد، و الهالات من شدة الإرهاق، و عدم النوم لثلاثة ليالٍ متتالية، أما قلبي فأنه فرحٌ بما يحمله حتى و إن كان لا يناسبه هذا الحمل. أظنك عرفت سبب هذا كله.
-أتظن أن السهر كفيلٌ بتحطيم قلبك، فأنا لم أسألكَ عن قلبكَ حتى الآن، لأني عرفتُ أن قلبكَ يتقطعُ من شيءٍ كان كلُّ شيءٍ هو.
لكن إذا لم نصل لنهاية الطريق سأعود مرةً آخرى لسؤال على قلبك.
=لا عليك، لا تهتم بحالي، فأنا شخصٌ متقلبُ المزاج، غير مطمئن.
-حسنًا: لكنَ تحكي عن أشياء عليَّ فهمُها إن أمكن.
=بالطبع يمكن أن نتشارك بعضُها.
-لماذا تبدو خائفًا، و يداك ترتعش، عندما نظرتَ لهذا المكان.
=لستُ خائفًا صدقني، أظنُّ أن البرد قد نال مني، فكما ترى جسمي هزيل، و أنا لا أقوى على حمل شيءٍ غير ذاتي، الضائعة.
-أظنُ أنني قد وصلتُ وجهتي، هُنا سنفترقُ عن بعضنا، لكن!
لم نتعرف على كلانا،
طول الطريق.
=من أنت؟
 و كيف إذاً أنتهت وجهتنا؟!.
-يمكن أن تُسميني ثرثارٌ عابر.
=ربما نلتقي.. 
مشهد آخر..
قلبٌ تحمَّلَ
ألمًا، 
و روحٌ تُجمل
فرحًا
و سربٌ تأمله،
منظرًا 
و جسدٌ تآكل.
وجعًا.
و أنا تحملتُ كلُّ شيءٍ مرَّ عليَّ
حطمَّ فيني، 
و أهلك
دمرد فيني، أشياءٌ لن تعود.
مشهد ليس ببعيد عن هذه.
فرحًا 
ممنوع.
أملًا
مفقود.
حلمًا
مقطوع.
علمًا 
مسلوب.
شخصًا يرمرم خرابي،
تلاشى، و أختفى. 
مشهد كأنه النهايات السعيدة.
ذات مرةٍ أخبرنتي أمي قالت: عليك أن تكون نورًا لمن حولكَ، لا تنتظر أن يكون النور آخر النفق، إعبر النفق، فأنت النور و أنت الضياء.
"لم أكن نورًا كانت هي كلماتُ أمي تنيرُ لي كلَّ الطرق، المظلمة." 






Share To: