الأديب المغربي / علال الجعدوني يكتب ورقة أدبية حول الديوان الزجلي "ضفاير لالة" للزجالة فاطمة المعيزي
ديوان زجلي للزجالة فاطمة المعيزي ، عدد صفحاته ١١٠ ، تم طبع الطبعة الأولى سنة ٢٠١٧ بالمطبعة والوراقة الوطنية مراكش ، يتصدره إهداء و تقديم للناقد المهدي نقوس ، عدد نصوصه الزجلية ٢٥ نصا زجليا .
✓ ورقة أدبية حول الديوان الزجلي :
الزجل هو شكل من أشكال الشعر العامي ، فن من الفنون الأدبية باللهجة المحلية حسب الجهات والمناطق المختلفة والمتنوعة اللهجات ، يتزين بايقاعات ذواقة ومتشبع باللون الثقافي الموروث جميل ، يحرك المشاعر والوجدان والأحاسيس ، متفرد بإبداعات خاصةً وخصوصية ، يترجم هموم الناس ، كما أنه يزخز بالحكم المتنوعة والمعاني الدالة المترجمة لكل الألسن الشعبية عانقها الإنسان وسكنت جوفه في أسمى تجلياتها وأروع صورها الشعرية الشاعرية ...
وفاطمة المعيزي زجالة مغربية ابنة آسفي ، غردت بالزجل وابدعت فيه بعد أن ارتوت من بحر الزجل المغربي الحاضر في الساحة الإبداعية بشكل يحسب له حساب ، ويمكن اعتبار فاطمة المعيزي صوة من الأصوات الزجلية التي نحتت بيئتها وكتاباتها زجلا عانق الإبداع بنجاح زادها قوة الحضور في كل الأنشطة المتنوعة ، مما جعلها تتقلد عدة مهامات منها :
✓عضو منشط بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية .
✓ رئيسة جمعية لبلبة للإبداع والتميز والتواصل .
✓ رئيسة رابطة المبدعين العرب فرع مراكش .
✓ الكاتبة العامة لرابطة كاتبات المغرب فرع مراكش .
✓ أمينة مال جمعية أصدقاء الثقافة والفنون .
✓ مستشارة بالجمعية المغربية للتدريب والاستشارات .
على أي لها حضور قوي في الساحة الثقافية بقوة .
يتصدر ديوانها الزجلي على الغلاف صورة أنثى بضفائر تتأرجح على الصدر ، وللأنثى حضور عميق يعكس برمزية معنى الحياة والطبيعة ،الأرض ، الخصوبة ، الجمال، المحبة ، ويمكن القول على أن الأنثى تمتاز بصفات متنوعة ،فهي رمز الحب والوصل والحياة والأمومة والتربية الصالحة ، هي الأصل والتجدد ، هي الأحاسيس والمشاعر المختلفة ، هي القضية والمجتمع لكونها هي الجسد والروح ...
رسمت لوحة الأنثى بلون الصلصال ، لون ما بين الاصفرار والبياض الذي يرمز للون التراب وقد يمكن القول ،أنه بمثابة الارتباط بالأرض وكذا الوطن .
أما عن عنوان الديوان : (ضفاير لآلة ) والذي يعتبر مفتاح الديوان أو عتبة الديوان جاء بجملة اسمية ،ولتحليله يحب تفكيك الكلمتان بحيث يمكن تفسير ضفائر بما يلي :
مفردها ضفيرة هي تلك الخصلة من الشعر الناعم ،والضفيرة تستخدم عند تشبيك الشعر على شكل جدائل بحيث تأخذ خصلة من الشعر وتلفها على شكل ملتوية مع خصلة أخرى . وغالبا ما تتزين بها الأنثى والنساء ،فالضفيرة تزيد الأنثى جمالاً عندما تكون مضفورة باتقان .
بينما ( لآلة ) في المغرب لها رمزية جد محترمة ومقدرة للنسوة ، وغالبا ما يتم ربطها بالمقام الشريف المناسب لسلالة الشرفاء المحمديين أحفاد الرسول (ص ) .
أما من حيث اللغة الإبداعية والمواضع فالزجالة فاطمة المعيزي أبدعت في هذا التراث المغربي الجميل بأسلوب جميل جداً وراقي التوظيف للمعاني التي يحملها الحرف الأنيق والهادف والجميل والطروب ، فعلى امتداد نصوص ديوانها المملوء بالحكم والأمثال الشعبية والتراث الضارب في أعماق تقافة البلاد نجد للشاعرة منزلة شامخة في تصدر المعاني الدقيقة التي تعكس الروح الشفيفة وذلك بتوظيفها لكلمات تتدفق بالألم محلقة بأجنحة العشق والتسامح بروح صوفية المعنى متشبعة بالتقوى متناغمة سكينة الذات .
فتقريبا حروفها منتقاة بدقة جد متناهية مليئة بالشجن والتوتر ،تجعل المتلقي يعيش بين مروج وعرصات المخيال الواسع على المنحى الصوفي .
فتركيبة ديوانها الزجلي الأنيق تتداخل كل النصوص بوهج رؤى عميقة ، تجعلك تهيم في صمت بين صور تفيض أناقة ممزوجة بطقوس مستوحاة من الواقع المعيش .
✓ فاطمة المعيزي لها ثقافة جد معمقة مستفيضة ، تمرست عليها باختلاطها مع الزجالين المحنكين لتنحت بدورها فنا شعبيا لا يمكن الاستغناء عن معانيه المتفردة بالإبداع الذي يستشرف الكيان بنشوة التلذذ .
وخير ما نختم به هذه الورقة : أن الزجالة والفنانة القديرة فاطمة المعيزي نسجت صورا بديعية راقية تؤجج الأحاسيس بأسلوب شعري متميز وبصياغة فنية تحسب لها . حتما إذا كان الحرف لا يمس وجدان وروح الشاعر والمتلقي فهو حرف ميت ، لكن الزجالة فاطمة المعيزي خلقت اللذة الجمالية وزينت نصوصها بألوان زاهية لا يمكن الاستغناء عنها ....
إنها زجالة وهاجة أبدعت نصوصا من عروش الموروث الأصيل للإنسان وللوطن ...
أتمنى لها مسيرة موفقة في نسج الشعر الزجلي بجمالية متميزة الذوق الرفيع .
الأديب المغربي / علال الجعدوني يكتب ورقة أدبية حول الديوان الزجلي "ضفاير لالة" للزجالة فاطمة المعيزي
Post A Comment: