الشاعر المغربي / عاطف معاوية يكتب نصًا تحت عنوان "سبب الأشياء التي بلا سبب" 


أحياناً أجلسُ على مقعدٍ، ينهضُ منه الحب 
ويحدِّقُ بشكل خاطف، كلما الْتقطَ قلبي أسباب الأشياء.

عنق الفجر من نافذتي بنفسجيّ..

حمامة خائفة تتجرأُ الوقوف على حافّة الغُرُوب..

الريح الشارد تؤذيه الأشجار القصيرة..

البحر في ليالي الشتاء وحيدٌ يستريح من ذاكرته
وينهضُ متأخرا من نومه حالماً بِشمس البارحة..

مقعد لا حظ له، لا حديقة فيه..

قطةٌ تهرب من أولادها لِتحبَّ هراً على قارب أزرق
تموءُ، والقط لا يبالي فربما حبيبته تطبخ له سريرا بإحساس الصباح المشمس..

والدي يقرأ القرآن، ويولدُ بداخلي الإيمان..

كناري يحسن الغناء فوق رأسي، وحبيبته غائبة..

برد يستعيرُ من الوقت عقاربه الثقيلة للجلوس..

سلّة حمراء، من ترك بداخلها التفاح والخريف قريب..

نافذة على شارع يحدّقُ لجيوب الحياة الفارغة..

سيارة "إِيرْ كَاطْ"(R 4)، ببساطتها،  شيءٌ آخر للحنين..

جدتي تلتقط من القبور المهجورة بكاء عصافيرها..

جيوبنا، محفظات يتقدمُ بها عُمرنا بمفاتيح عديدة؛ والأبواب قليلة..

البكاء ثلج بلا لون..

الغابة كلمات لم يُفْعَلْ بها سوى الإحتراق..

أمي، سماء كأرض الله، لا تموت بداخلي..

ميسم، الهواء، والفرح الذي يطاق..

أصدقائي، مراد نخب الشِعر وقلب الحكمة
والربيو، لون الملح، صياد الأضواء المشتاقة..

البحر، جَدُّنَا، وكفى..

القرية، شاعرة، تبتلع كل شيء، كل الشعر، كل الذاكرة..

الكنيسة، أحزاننا المبنية، كطفولتنا..

الصومعة والقبة والرجال السبع، ماتوا من شدة الحنين
والصلوات، ماتوا بيأس الحب أمام البحر، ماتوا وحيدين كأهل الكهف، سافروا وسيعودون..

الغد، قارب والوجهة ظلالنا..

الأمس، رحلة عيوننا، ومفرد الغياب..

الحب، مشينا طويلا ونسينا الأجنحة، وعودنا بِعُجَالة لكننا الآن تائهون، لأن الطريق كان خاليا من المرايا والسهر..

القهوة، أصوات الشعراء، ضحكاتنا العالية وذاكرة الحنين..

السماء، أرض الله وحده..

العالم، جريدة تتنوع فيها الأخبار..

قصائد درويش،جمهور خيباته والشاهد الوحيد على حزنه..

أدونيس، الفكرة المعقدة بالنيابة عن مساء الأحد..

عبد الباسط عبد الصمد، صوت الوحي والنجوم اللامعة..

تطوان، ذاكرة محفورة في حنجرة التاريخ والأحلام..

أسماؤُنا، قصص مستعارة، لا تبحرُ في وجوهِنا المثقوبة..

الصباح، صمت شاسع، ضحكة أمي الدافئة برائحة القهوة..

المساء، ممتلئٌ بالخِذْلَان، كالحب..

الحياة، لعبة باحتمال واحد الخسارة .. والخسارة..

مقهى القرمود، أول تنهيدة، صورة قديمة بألوان البحر..

فران "مَنَّانَة"، أحزاننا المنسية ورائحة الطفولة وأمنياتها..

كرة القدم، بالنيابة عنهم، الذين لم يستطيعوا التسجيل في مرماي، لِتستريح أقدامكم، فغدا سنلعب بدون مرمى
كرة القدم باختصار، زمن الراديو، زيدان وصفقة فيغو..

الليل،ذئب مستلق على ظهره يرى النجوم بوضوح
ويغني، لا يكترث سوى للعشاق..

الضحك، صورك القديمة بكل ألوانها..

الشتاء، فصل الحياة، جَدُّ الفصول..

الوردة، وجه الزمن والماء..

الناي، صوت الراعي وأحلام حبه المؤجلة..

كانون الثاني(يناير)، هتاف الوقت المتأخر القديم للأشياء..
.
.
الشِعر، صوت الحياة منذ ألف قصيدة وعام
.
.
موتنا، جنازتنا ومن يَشهَدُ لنا بها .. موتنا سباتنا
.
.
أنا، أنا أحياناً لا شيء، وأحياناً كل شيء.. شخص مثلي.

 






Share To: