الشاعر / علال الجعدوني يكتب ورقة نقدية تقريبية لديوان (طويت لما ) لفاطمة المعيزي 





" طويت لما  " هو ديوان زجلي للزجالة فاطمة المعيزي من منشورات جمعية لبابة للإبداع والتنمية والتواصل ، تم طبعه بمطبعة وراقة بلال بفاس  الطبعة الأولى ٢٠٢٠  ، عدد نصوصه  ٤٨  وعدد صفحاته ١٤٠  .


✓ مدخل :

الزجل حسب النقاد هو فن تعبيري  بلغته العامية ، يترجم أحاسيس الزجال أو الزجالة  النابعة من الأعماق  بكل تفاصيل    ، ليثبت حضوره في الساحة الفنية بكل جدارة واستحقاق  ،مترع بالجمال الإيقاعي  ،يضج بالحكمة والمقاصد الدلالية  العميقة  ...


✓ لوحة الغلاف  :

فاللوحة التي تتصدر الغلاف  هي صورة لطيف امرأة غير واضحة ، أو خيال لرأس امرأة ، وبداخل الصورة ماء  ....والماء مادة كيميائية تتكون من عنصرين أساسيين  الهيدروجين والأوكسحين ، وقد يكون سائلا أو صلبا أو غازيا  لا طعم له ولا رائحة  ، كما يعتبر أهم مادة في حياة الإنسان .

ولقد وظف الشعراء العرب مفهوم الماء بوصفه مكونا طبيعيا يؤثر في وجدان الشاعر  وليس هذا بل تلتقي تجاربهم الشعرية في اعتبار الماء مكونا يسهم أحيانا في عزلة الشاعر ، وزيادة حصانته وحصاره ويفتح أحيانا بابا للهرب ، والتأمل ، ومغادرة المكان إلى أفق آخر ...

وللماء رمزية قوية منذ القدم ، فهو مصدر الحياة وبه تحيا الطبيعة فينعم الإنسان  ...

كما يمكن اعتبار الماء هو الخلاص من الجفاف والعطش وبه تتطهر أجسادنا  . 

ويدخل الماء من ضمن الثقافة الشعبية مثل ( عروس الماء ) في منطقة شمال إفريقيا  ، كما كان يرش الماء على الحضور يوم عاشوراء وتغطيس وغمر للأطفال في صباح هذا اليوم باعتبار أن الغطس في الماء يساعد الصغار على النمو  ...

وللون الماء  قراءة خاصة بحيث يعتبر اللون الأزرق لون الولاء والإخلاص والحقيقة والعدل بالإضافة أنه لون العمل الجماعي والهدوء والتجانس  بينما في الجانب المظلم يمكن اعتباره علامة للتورط الشديد في أمر على حساب الآخرين  .


✓ دلالة العنوان :


وعنوان الديوان  ( طويت لما )  مركب من اسمين ،

ودلالة طوى الثوب :  تناه وضم بعضه إلى بعضه الآخر .

طوى الحديث  : كتمه  .

طوى الكتاب :  لف بعضه فوق بعض .

طواه النسيان : أصبح مغمورا  .

طوى الله عمره : أفناه ، أماته  .

طوى صفحة الماضي : تخلى عما سبق  وبدأ من جديد  .

طويت صحيفته : مات  .

طوى الأمر : أخفاه  .

هو عنوان يطرح ألف سؤال وسؤال ، و لفك لغز العنوان بدقة على المتلقي التعمق في قراءة نصوص الديوان ليستنبط المعنى الذي يراه مناسباً لقراءته بينما طرحي ( أنا ) هنا فقط  للتبسيط  والمساعدة  ....


✓ قراءة في نصوص الديوان  باختصار :


طويت لما هو العنوان الذي اختارته الزجالة فاطمة المعيزي لديوانها الزجلي . في هذا الديوان الجميل تتداخل مجموعة من النصوص ذات الأبعاد الرومانسية  والإنسانية والإجتماعية وحتى الوطنية  . كتبت زجلياتها العميقة على وهج رؤى  عميقة بتقنية فنية رائعة جدا  ، تفيض بجمالية المعنى والأناقة مجسدة ملامح تتدفق بالذوق الرائد  من الترات المغربي  الأصيل .

فعلا صاغت قصائد الديوان بالدارجة المحلية المغربية دات الطابع المتداول في المنطقة التي تعيش بين أحضانها مع تنويع اللهجة المغربية  لتجعل من ديوانها باقات ورود لكل عشاق الزجل بالمغرب العربي  ، وهذا يعود لثقافة الزجالة المعمقة والمستفيضة  من تجربتها الإبداعية والطويلة  .

ويمكن القول على أن الديوان هو امتداد  للديوان السابق (صفير لالة ) والذي سبق أن كتبت فيه ورقة أدبية تعريفية مختصرة . فتقريبا كل نصوص الديوان مطبوعة بلون العاطفة والدقة في إختيار الألفاظ الزجلية والصور الشعرية والبلاغية والدلالات اللفظية .

لقد حاولت زجالتنا فاطمة المعيزي سكب عليها من وجدانيات طروبة مما ولدت في الكلمات طاقة إبداعية في غاية الدقة والجمال . 

كما يحضر ضمن قصائدها  قصائد مفعمة بالألم والوجع والحزن الممزوج بأصدق العواطف ، إنها شيدت بكل صدق مدينة للإبداع الهادف والبناء المميز ،مسطرة و مضات زحلية مفعمة بالموسيقى والتراكيب العذبة ،وهذا يعود لبراعة الزجالة في إتقان هذا الفن الأدبي المستوحى من التراث  الحي  .

لقد وظفت مخزونها الثقافي بأدوات لغوية في قالب زجلي يخلو من الصنعة والتكلف  . 

حتما لعبت التجربة في واقع الزجالة فاطمة المعيزي دورا فعالا  في  شحن روحها  بترانيم  سحرية قوية ،ستظل خالدة في تاريخ الزجل المغربي  الأصيل  .


 


الشاعر / علال الجعدوني يكتب ورقة نقدية تقريبية لديوان (طويت لما ) لفاطمة المعيزي 



Share To: