فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "ريان جاء ليذكركم أنكم أمة واحدة ورحل" 


خرج من ضيق البئر إلى سعة الجنة .
من كفالة والديه إلى كفالة إبراهيم وسارة عليهما السلام

عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
أطفال المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم و سارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة .
 رواه أحمد والحاكم والبيهقي بسند صحيح

مشهد التفاعل مع الطفل ريان ثم تحمُّله كل هذا الوقت لهذه الإصابات التي ألمّت به، وهذه المصروفات الباهظة والجهود المضنية لإنقاذه، وهذا التعلق الشديد لنجاته، ثم الفرحة الغامرة عند خروجه، ثم بعد قليل من هذا الخروج تصعد روحه لبارئها، فسبحان الله!
موقف هذا الطفل أعطانا الروح والأمل ثم هو الآن يعطينا الصبر والاسترجاع .
فاللهم لك الحمد على قضاءك ، فالحكمة من هذا كله منها ما هو خفي عنا، ومنها ما هو ظاهر لبعضنا.

والذي أراه من حكمة الله البالغة في هذا الموقف: 
أن الله سبحانه وتعالى جمع قلوبنا على شيء قد يتكرر في أماكن كثيرة ولا يحدث مثل هذا الاجتماع والائتلاف، والمعنى أن الله قادر على جمع قلوبنا وائتلافها رغم هذا التباعد الكبير والتنافر الشديد، ولكن لأنه العليم فهو الذي يقدّم ويؤخر، ويعطي ويمنع، ويرفع ويخفض، فحكمته لا يحيط بها أحد، ولا يستطيع تخيل مجراها أحد، فلا تيأسوا من روح الله ولا تظنوا به إلا خيراً.
فبالأسباب الضعيفة تجتمع الأمة، فهو الذي بيده القلوب يقلبها كيف يشاء وهو الحكيم الخبير.
إنا لله و إنا إليه راجعون
اللهم اجعله يسبق أهله إلى الجنة و يأخذ بأيديهم إليها
و أخلف لهم يارب خيراً منه 
الله تعالى له الحكم الباهرة فيما يبدو للناس شر محض لكنه و الله شر من وجه و خير من وجوه ( و الخير كله في يديك و الشر ليس إليك )
ألم تر كم الرحمات التي نزلت في قلوبنا 
ألم تر إلى تلك الأخوة الإيمانية التي أيقظها هذا الفتى بيننا
ألم تر إلى كم الدعوات و التضرعات التي رفعت لله و هو يحب ذلك و يجازي عليه و لا سبيل إلى ذلك إلا بالمحن
ثم ما يدريك ما يخبؤه الغيب .
لقد رحم الله الأبوين في قصة موسى و الخضر بقتل ولدهما .. بل رحم الولد أيضاً
نحن عبيد جهلة لا نحيط بالعواقب .
 نقف أمام رب رحيم كريم حكيم .
 نثق في عدله و فضله و حكمته و رحمته ونرضى بحكمه لثقتنا في حكمته
و لا نقول إلا ما يرضي ربنا .

و في حديث أبي موسى أن رسول الله ﷺ قال:
 إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك، واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه: بيت الحمد

▪️ريان احييت فينا الانسانية

{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ }

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أولادُ المؤمنين في جبلٍ في الجنةِ ، يكفُلهم إبراهيمُ وسارةُ ، حتى يردَّهم إلى آبائهم يومَ القيامةِ.

إذا مــات ولـــد العبــد قال اللَّه لملائــكتــه 
قبضــتم ولـد عبدي
فيقولون نـعــم 
فيقول قــبضـتم ثمرةَ فؤادِه 
فيقولون نعم 
فيقول ماذا قال عبدي 
فيقولون حمدك واسترجعَ 
فيقول اللَّه 
ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسموه بيت الحمد
خبر موتك يا صغيري كم كان موجعًا وكنا نأمل أن تخرج  ولكن قدر اللهُ وما شاءَ فعل وإنا لله وإنا إليه راجعون

خبر موتك برغم مرارته إلا أن فيه بشارة إجتماع أمتنا على قضية واحده ورأينا قوله ﷻ ( واعتصموا )
خبر موتك ليس مجرد خبر بل هو إشعار للجميع بأن الحدود والحواجز والتأشيرات التي وضعت بيننا ما هي إلا خطوط تحتاج إلى حذف ومسح وأن نتلاحم بلا حواجز. 

خبر موتك ذكرنا بأن لنا أطفال يموتون من البرد يحتاجون من الدعم والمال والمواساة الكثير والكثير ويكفينا عارًا أن نرى طفلا مسلمًا يموت من البرد. 

خبر موتك وضع حدًا لهؤلاء الذين يريدون أن يشعلوا الفتن بينا شعوبنا المسلمة مثل المغرب والجزائر وغيرهما ويعلن لهم :
إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون. 

اللهم اربط على قلوب أهله وعوضهم خيرًا واجعله زخرًا لهم في الآخرة يا رحمن يا رحيم.
أيُّ وجع أوجعتنا به يا ريان ؟ أي ألمٍ آلمتنا به يا بُنيّ؟ 
قتلت فرحتنا وجرحت قلوبنا . العالم كله انتظر خروجك، ولأول مرة منذ زمن تتوحد الأمة بالدعاء على قلب رجل واحد، كل ذلك كان لأجلك، لكنك آثرت الرحيل على البقاء، عند مالك الملك وملك الملوك، تطير بجناحيك وتحلق عاليا في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
اللهم صبرا لوالديه وأهله وذويه ومحبيه .
اللهم أجرا لكل من تعب وجد واجتهد وسهر وحفر وثابر وصبر .
تذكرتُ موقفا يناسب هذا الحدث .
ولكني أبدأ بذكر هُدى الله لنا في مثل هذا :

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ، وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ، وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ .

إنا لله وإنا إليه راجعون
لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار
اللهم اجعله فرَطًا لوالديه
وأقسمُ بالله إن العينَ لتدمع القلبَ يحزنُ عليه وعلى كل مسلم مظلوم أو مُستضعف
ولا نقول إلا ما يُرضي ربّنا
الموقف :

قبل سنوات في أحد مخيمات السوريين في شتاء شديد البرد، خرجت امرأةٌ من الخيمة تطلب شيئا من جيرانها، عادتْ لتجد رضيعَها مُتجمِّدًا
كان حدثًا مُحزنًا جدا
انتشر الخبر، وعلِم رجلٌ غني من أهل الخير وبكى بكاءً شديدا كأنّه يتقطّع، ليس على موت الرضيع بل على تقصير المسلمين تجاه إخوانهم المكلومين والمستضعفين والفقراء..
وأنفق من ماله أصنافا من المساعدات والدعم لهذا المُخيّم وما حوله وكان من أعظم أسباب الخير على المسلمين في هذا المكان، وأحيا الله به أُمّةً من الناس وأيقظ ضمائر كثير من الغافلين.. 
هذا مجرد إحدى صور الخير الذي علِمتُه من هذا الحدث، وما خفي من لُطف الله أعظمُ
وما يزالُ العبدُ بعلمه بالله وحُسن ظنّه به وتدَبُرِه يرى رحمةَ الله ولُطفه وحكمتَه في خلق الله وأمرِه وقدَرِه
واللهُ تبارك وتعالى عليمٌ حكيمٌ رحيمٌ ودود، ولا يظلمُ مثقال ذرة، وهو غنيٌ عن العالمين، وهو لطيفٌ خبير والمؤمن صابرٌ مُحتسِبٌ مُحسنُ الظن بربِّه،  أمرُهُ كلُّه له خيرٌ؛ إن أصابته سراءٌ شكر وإنْ أصابته ضراء صبَر.  
والولدُ قد سبق والديه إلى رفقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، والحمد لله أن قبضه على الفطرة. 
ولعلّه يُحي بموته غيره من أطفال المسلمين الذين يموتون جُوعا أو قتلا أو غرقًا في قوارب الهروب إلى الغرب أو بسبب فساد الصحة أو غير ذلك
وظنُنا في الله ظنُ الحق فهو أرحمُ الراحمين .
اللهم ربّنا أفرِغْ علينا صبرا
اللهم نجّ المستضعفين من المؤمنين، واشدُد وطأتك على الظالمين وأعوانهم .

▪️ريان أوجعت قلوبنا وجمعت أمتنا 

قال رسول الله ﷺ: إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ 
فيقولون: نعم، 
فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، 
فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك، واسترجع، 
فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه: بيت الحمد .

رواه الترمذي 

إنا لله وإنا إليه راجعون

رغم الألم والوجع فى قصة وفاة الطفل ريان.
إلا أنه حينما أسأل نفسى
لو تخيلنا أنه إستطعنا أن نسأل ريان الأن أكنت تحب ان تخرج من هذا البئر سالما معافا وتعود إلى الدنيا مرة أخرى.
لقال لنا أن هذا البئر الضيق جدا العميق جدا هو أوسع باب للخروج من ضيق الدنيا إلى سعة الأخرة وجنة عرضها السماوات والارض.
جعله الله شفيعا مجابا لوالديه وربط الله على قلبيهما 
ليتقبلا أمر الله بقلوب راضية بقضائه ويفوز كلاهما بمنحة الله إليهم.
ريان محلقا فى الجنة الان.
انه اليقين فهو لم يجرى عليه القلم بعد.
رحمك الله يا ريَّان ؛ رحمك الله يا ريَّان كم تألمت و كم عانيت فى ذلك البئر .
لقد كنت أتعجب لحالك يا صغيرى : كيف تحملت ظلمة البئر و ضيق المكان و الجوع و العطش و الوحدة و الآلام و الجراح التى كانت فى جسدك الضعيف يا حبيبى ؛ و الله لقد تحملت من الآلام النفسية و الجسدية ما لا يتحمله جبل من الجبال .
و الله لقد حزنت لموتك و كأن ابنى هو الذى مات و أنا أكتب كلمات فى وداعه .
 لكن عزائى أنك ذهبت إلى مَن هو أرحم بك من أمك و أبيك و الناس أجمعين ؛ فلقد أصبحت ضيفاً فى رحاب أرحم الراحمين ؛ فنم قرير العين يا حبيب القلوب .
اللهم اجعله فرطاً لوالديه، وذخراً وسلفاً وأجراً، اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، واجعله في كفالة إبراهيم وألحقه بصالح سلف المؤمنين .
‏اللهم اجعَل سقوطه وما قاساه وحيدًا في الليالي الماضية ارتفاعًا وعُلوّاً لهُ عندك، وأبدِل الظُلمات التي عاشها نورًا وسِعَةً ونعيمًا، واجعلهُ طيرًا مُحَلِّقًا من طيور الجنّة، وشفيعًا لوالديه يوم يلقونك، واجبر قلب أمه وأبيه وأهله وذويه ‎.
‏اللهم اجعله فرطاً لوالديه وذخراً وسلفاً وأجراً، اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، اللهم اجعله في كفالة إبراهيم وألحقه بصالح سلف المؤمنين، وأجره برحمتك من عذاب الجحيم، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله .


▪️ريان جاء ليذكركم أنكم أمة واحدة ورحل 


🌴عن أبي حسان قال :

قلت لأبي هريرة إنه قد مات لي ابنان فما أنت محدثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا ؟ 
قال نعم :
صغارهم دعاميص الجنة يتلقى أحدهم أباه أو قال أبويه فيأخذ بثوبه أو قال بيده كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا فلا يتناهى أو قال ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة .

رواه مسلم 

في الوقت الذي تباعنا فيه جميعا ما حدث للطفل المغربي ريان اسأل الله له الرحمة والصبر لذويه إلا أنه كما ألمني موته ألمني حالة العشوائية التي وصلنا اليها علي صفحاتنا .

فمئات الصفحات والمواقع والشخصيات العامة يكتبون عن نجاته من أول يوم دون تثبت ودون تحقق ولم نكلف أنفسنا بالرجوع إلي المصادر الرسمية .

إن العشوائية في النقل عند الكثير إلا مارحم ربي أصبحت للأسف هي المسيطرة وأصبح هذا هو واقعنا المعاصر كثير من النشر والمشاركات لأمور قد تؤثر ثأثيرا كبيراً علي أسر ومجتمعات بل ودول بأكملها دون التأكد والتبين ، مما يترتب على ذلك من أثار سيئة من الممكن أن تقضى على الأخضر واليابس .

إن حالة ريان تؤكد لنا مقدار العشوائية التي وصلنا إليها وهذا ما تفعله بنا الآلة الإعلامية ، مع أن الله قد أرشدنا إلي المنهج السليم في المعاملات فقال تعالي :

 " فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ  " .

رحم الله ريان وصبر والديه وبارك الله في كل من شارك في محاولة إنقاذه .

🌴وأخيرا أقول :

الدفاع المدني أراد ريان في نور الدنيا ، والله أراده في نور جناته .

وكأن وجوده في الدنيا وخروجه منها لسبب لا يعلمه إلا الله .

يكفى أنه وحد الامه على قلب رجل واحد ورحل .

رحمك الله يا ريان 

اللهم اجعله فرطا لوالديه وذخرا وسلفا وأجرا .

اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما اللهم اجعله في كفالة إبراهيم وألحقه بصالح سلف المؤمنين .

اللهم اربط على قلب أبويه ولا تحرمهما أجره واجعله شفيعًا لهما يوم القيامة .

لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده إلى أجل مسمى اللهم اغفر له وارحمه .





Share To: