الكاتب اليمني / أديب السامعي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "حكايتي مع مجنون"
كالعادة بعد تناول وجبة الصبوح اليوم في مطعم خور مكسر بالصافية نجلس قريب منه، ويعتبر هذا المكان ملتقي ابناء قريتي(سامع) في كل جمعه، نتبادل هناك اطراف الحديث عن العمل والأخبار الجديدة التي يحصل عليها كل واحد منا أثناء مهاتفته مع والدته، أو زوجته، ونسأل بعض فلان أين، وفلان أيش أخباره وهكذا، لكن اليوم قطع حديثنا رجل خمسيني، ذو لحية بيضاء عليها اثار أزر، وثياب متسخة، ومقطعة،(مجنون) حافِ القدمين، في يده باقي فتات طعام أخذه من إحدى القمائم، وهو يقول أريد سيجارة... أريد سيجارة، اعطيناه، كان يأخذ انفاسه بشراهة من تلك السيجارة. أخذ يقول: وبنبرة صارمة كم استمر الإستعمار البريطاني لبلادنا؟ أريد جواب!
تبادلنا نظرات الحيرة والصدمة في آن واحد من سؤاله، إنه رجل مجنون يقضي مجمل وقته بالتسكع في أزقة المدنية بابحثًا عن حبة سيجارة! يأكل بقايا فتات الخبز من القمائم، من اجل أن يسد رمق جوعه، إن صح التعبير، يصول ويجول في شوارع الوطن الذي احرمه من اتفه حقوقه، جعله ينام في الأرصفة ويلتحف السماء..
كيف له يكون هكذا محبًا لبلده! كيف يخطر في باله سؤال كهذا! لماذا لايزال تأريخ هذه البلد التي أخذت منه حتى ثيابة ذو أهمية قصوى لديه!..
حينها بادرنا بالإجابة عن سؤاله أن بريطانيا استعمرت اليمن لمدة 128 عامًا، كان صاغيا بما سنجيب، متلهفا لسماع الجواب، لكن سرعان ما أردف سؤال آخر عن سبب الإحتلال؟ ثم اسند ظهره للجدار، وعيناه تحدق بالسماء.
ماكان علينا إلا أن نجيب على سؤاله ماسبب الإحتلال البريطاني لمدينة عدن؟
السبب هو أن عدن كانت ومازالت محط انظار الكثير من الدول الطامعة في إرساء قواعد لها على البحر الأحمر والخليج العربي، ومن ثم السيطرة على المحيط الهندي، من اجل السيطرة السياسية والاقتصادية، فتوالت على عدن الكثير من القوات والدول المستعمِرة ومنها بريطانيا، والتي بدأت بدراسة ميناء عدن ومدى صلاحيتها لتكون قاعدة بحرية ومستودعًا للسفن البريطانية، من خلال إرسال أحد ضباط البحرية التابع لها (هينز) والذي اشار حينها في تقريره إلى ضرورة إحتلال مدنية عدن ومينائها لأهميتها الإستراتيجية.
حينها ركزت بريطانيا انظارها لميناء عدن وحاولت إستغلال أي حادث كان يوقع من اجل أن يكون هناك مبررًا لإستعمارهم لعدن، ومن هذه الحواث في عام 1837م جنحت سفينة هندية تُسمي«دريادولت» كانت ترفع العلم البريطاني بالقرب من ساحل عدن، فادعى الإنجليز أن سكان عدن هاجموا السفينة ونهبوا بعض حمولتها، وأن ابن سلطان لحج وعدن كان من المحرضين على نهبها.
وفي نفس العام وقعت ايضًا حادثة غرق السفينة البريطانية (داريا دولت) قرب الشواطى اليمنية، فوجدت بريطانيا ضالتها لإحتلال عدن وادعّت أن الصيادين اليمنيين قاموا بنهب السفينة، وطالبت بالتعويض من قبل سلطان سلطنة لحج، أو التمكن من السيطرة على الميناء، وافق سلطان سلطنة لحج على دفع أي تعويضات من اجل الحفاظ على السيادة اليمنية انذاك، لكن بريطانيا كانت نيتها الإحتلال وليس التعويض، فعدلت عن قبولها التعويض مقابل الإحتلال، وفرض سيطرتها العسكرية على مدينة عدن مينائها الإستراتيجية، وبدأت بالإستعداد لتنفيذ غرضها بالقوة المسلحة...
وهنا بدأت الكارثة
قهقه الرجل بصوتٍ عالٍ، ثم أردف قائلًا لقد فكرت كثيرًا ما السبب وراء هذا الإحتلال القبيح لبلدنا الحبيبة، وكنت أظن أن هذا الإستعمار لم يدم طويلًا.
حينها همّ بالذهاب وهو يتمتم "عليّ اللعنة.. عليّ اللعنة، هكذا يذهب محتل ويأتي الآخر، وإلى الابد، وأنا أراقب بصمت دون أن افعل شي..
ملاحظة: لم اسرد خلال جوابي له كل هذه التفاصيل انما اعطيته نبذة وجيزة لمعرفة السبب
الكاتب اليمني / أديب السامعي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "حكايتي مع مجنون"
Post A Comment: