الأستاذ الدكتور / عبد العظيم أحمد عبد العظيم يكتب : الأقليات المسلمة في الفلبين




تتكون الفليبين من مجموعة الجزر تزيد على 7000 جزيرة منتشرة فى مياه المحيط الهادى، وتقع فى أقصى شرقى آسيا بين الجزر الإندونيسية والجزر اليابانية.

وعرفت الفلبين الإسلام عن طريق التجار الصينيين المسلمين. وعن طريق بعض الدعاة القادمين من سومطرة مثل الداعية راجا باغندا الذي جاء إلى منطقة سولو في عام 1390م داعيًا إلى الإسلام ووجد استجابة واسعة. وأعقبه داعية آخر ثم ثالث يُدعى أبو بكر من يالمبانغ، وتزوج ابنة راجا باغندا. ولما توفي راجا باغندا صار أبو بكر سلطانًا، وأسس سلطانه على النظام الإسلامي العربي. أما مينداناو فقد أدخل فيها الإسلام الداعية الإسلامي الشريف كابونغسوان. وقبل مجيء الأسبان كان الإسلام قد انتشر في مانيلا وغيرها، وأصبحت مانيلا نفسها دارًا إسلامية، وكان سليمان، حاكم مانيلا، ذا نسب يربطه بسلطان بورنيو. لكن مجيء الأسبان إلى الفلبين حال دون انتشار الإسلام في الجُزُر الأخرى.

وقد انتشر الإسلام فى البلاد فى حدود القرن الثامن الهجرى على يد التجار، وفى القرن العاشر الهجرى كان المسلمون قد تمكنوا من تكوين إمارات شملت أكثر الجزر الفليبينية، منها إمارة الشريف أبى بكر فى صولو، وإمارة الشريف محمد بن على الملقب بزين العابدين فى مندناو، إلا أن وصول المستعمرين الأسبان والبرتغال إلى المحيط الهندى والهادى، مع بداية القرن السادس عشر قد أدت إلى نتائج وخيمة بعد الكشوف التى ادعوها، وهى محاولة التفاف حول العالم الإسلامى، ولاسيما بعد وصول ماجلان إلى عذراء ماليزيا سنة 1521م، واضطر الأسبان إلى إرسال أربع حملات للسيطرة على البلاد إلا أن المسلمين قد أبادوهم عن آخرهم، ومع ذلك لم ييئس الأسبان فأرسلوا قوة كبيرة تمكنت فى النهاية من احتلال البلاد، وفى عام 1900م اضطرت أسبانيا إلى بيع الفليبين للأمريكان نظير مبلغ 200مليون دولار، بعد هزيمة الأسبان أمام الأمريكان فى المياه الفليبينية، وبعد أن سيطرة الولايات المتحدة على البلاد أعلنت حرباً ضروساً استمرت 38سنة دون أن ينالوا من المسلمين، فشن الأمريكان حرباً جرثومية قتل فيها 200ألف من المسلمين.

وفى السنوات الثلاث السابقة على استقلال الفليبين احتل اليابانيون المناطق الإسلامية من الفليبين سنة 1943م فلم يكونوا أقل ضراوة من سابقيهم، ولكن المقاومة استمرت حتى الحرب العالمية الثانية وحصول الفليبين على استقلالها عام 1946م على أن تسلم البلاد لحكومة نصرانية يرأسها أحد الكاثوليك المتشددين، والجدير بالذكر أن المسلمين كانوا يمثلون 55%عند وصول الأسبان تناقصوا إلى 17%مع الإحتلال اليابانى.

وعلى الرغم من الإضطهاد الدينى والسياسى الذى يعانيه المسلمين فى الفليبين فقد نجحوا فى تكويين العديد من المؤسسات التعليمية:

· معهد مندناو العربى الإسلامى الذى تتبعة 316مدرسة.

· معهد ماداواى الإسلامى وتتبعه 52مدرسة.

· جامعة الفليبين الإسلامية.

· مركز الملك فيصل للدراسات العربية والإسلامية.

وبلغ عدد المسلمين في الفلبين 4,9 مليون نسمة عام 2020 بما يزيد عن 4% من سكان الدولة.

ويعتنق الإسلام في الفلبين أربع عشرة جماعة عرقية، ويتركز المسلمون في جزيرة مندناو وسولو وتاوي كاتاوي وفي الجنوب، ويعيش في الشمال حوالي نصف مليون مسلم، ويطلق على الأقـلية المسلمة هناك اسم "المورو" بحكم أن أسبانيا استعمرت الفلبين، وكانت تسمي المسلمين "المورو"، وكان أثر المسلمين في الفلبين عظيما إلى درجة أن العاصمة اسمها "أمان الله" وهي "مانيلا".

وتعد الفلبين مثالا جيدا للغايات التبشيرية للمستكشفين، فقد كان البَحَّار البرتغالي فرديناند ماجلان أول من أقام صلة بين أسبانيا والفلبين، وذلك في عام 1521م، إذ وصل إلى جزيرة سَمَر أثناء رحلته الاستكشافية الشهيرة التي كان يحاول فيها إثبات أن الأرض كروية. فأقام علاقات مع حاكم تلك الجزيرة، وبدأ في نشر النصرانية بين سُكانها، ثم تلت حملة ماجلان حملات استكشافية أخرى أطلقت إحداها اسم الفلبين على تلك الجزر تخليدًا لملك أسبانيا فيليب الثاني، لكن الأسبان لم ينجحوا في إقامة قواعد لهم هناك إلاّ في عام 1562م حيث استطاعوا فرض هيمنتهم، وحولوا الفلبين إلى مستعمرة أسبانية، حيث نشروا النصرانية بين السكان ماعدا السكان المسلمين في إقليم مينداناو[1].

الأستاذ الدكتور - عبد العظيم أحمد عبد العظيم

أستاذ جغرافية الأديان- قسم الجغرافيا كلية الآداب - جامعة دمنهور- مصر




Share To: