الأديب المصري / إبراهيم الديب يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "يبيع بالآجل"




رجل على شيء من اليسار وبعض المعرفة التي تتمثل في القراءة والكتابة علاوة على ذكائه الفطري وقوة شخصيته وانتسابه لطبقة ملاك الأراضي سابقآ ، أهله كل ما سبق: لمكانة وسط الفقراء وفي نفوس الفلاحين الأميين إلا قليلاً  

والذي يبيع لهم علف الماشية من المحل الذي يملكه.


هذا الشخص له فلسفة خاصة به فهو يسعى ويرغب أن يكون بيعه بالآجل أكثر من الفوري: لعلة في نفسه مفادها: أن الفلاح عندما يشتري بالآجل يتورط  في الدين بصورة كبيرة دون أن يشعر ويقوم بشراء بضاعة أكثر حبذا لو: كان من الفقراء شبه المعدمين، وما أكثرهم كان يظهر بصورة الميسر على عباد الله، ولكن هناك حاجة في نفس يعقوب، فطالما الفلاح اسمه داخل الدفتر الذي أقرب في صورته من الذي: كان يحمله "مسيحة افندي" في فيلم الحرام فلن يستطيع هذا الفلاح شراء  علف لبهائمه دكان آخر، أقل سعرا ... هذا الدائن على معرفة جيدة بمواطن ضعف كل شخصية من زبائنة، وعلى علم أكثر بأماكن تواجدهم على المقهى: مساءا فكان يذهب إليهم خصيصاً أثناء فترة تواجدهم، فيطلبون له شاي بعده قهوة قبل أنا تأتي المعسلة ،التي تعقبها أخرى كل هذه الطلبات ترضية له من وجهة نظر من عليه الحق كي لا يطالبه بالدين الذي يسكن الدفتر ،الذي سمكه أكثر من عشرة سنتمتر وبحجم قرصة الشفنير، أم لون جلدته التي لا يعرف أحد  ماذا كانت في الماضي البعيد أعتقد :أنه وجلدته السميكة قطعة ابلكاش سميكة يعود تاريخ هذا الدفتر العتيق العريق لفترة الحكم العثماني.


 كان يفعل ذلك مع زبائنه البساط المهمشين جميعاً الفقراء المعدمين المطحونين. أما آخر زبائنه فكان الرجل هذا سعيد أيما سعادة بمعرفته  فهو: أجودهم جميعاً واكثرهم كرما، كان يأتيه بعد الشاي والقهوة والمعسل: بسفن أب وأحيانا بكحك بملبن وعجوة إذا شعر الرجل بالجوع ، استمر هذا الوضع فترة دون أن يدفع الزبون لصاحب الدكان جنيها واحدا، ولم يطالبه أيضاً صاحب طالما أن القهوة تأتي بعد الشاي مباشرةً والمعسل لا مع كا منهما وفترة قصيرة يكون السفن اب في فمه وبعدها بقليل الكحك أبو ملبن وعجوة...ثم أخرج الذي عليه الدين من جيب الصديرى قلم كوبية من أيام المماليك ونوتة بحجم كف الرضيع، وقال لصاحب الدين: الآن ننتهي من الحساب وجمع له حساب: كل ما تناوله من شاي وقهوة وسفن وكحك بملبن وعجوة على مدار الأيام السابقة، قبل أن يقول له إحنا كده خالصين ، بما تناولته أنت مقابل علف البهائم وعليه كحكة من عندي ، ثم قطع ورقة النوتة التي بها الحساب، وتركها  في جيب جلباب صاحب الدكان، و أردف بعد إذنك يا عم الحاج تأمر بحاجة أصل ورايا مشوار ...




الأديب المصري / إبراهيم الديب يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "يبيع بالآجل"



Share To: