فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ"
هَا قَدْ مَنَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ بِبُلُوغِ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَأَدُّوا حَقَّهَا مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْإِحْسَانِ ؛ فَقَدْ كَانَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ اجْتَهَدَ فِيهَا أَيَّمَا اجْتِهَادٍ ، وَحَثَّ عَلَى ذَلِكَ الْأَهْلَ وَجَمِيعَ الْعِبَادِ .
فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:
«كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ»
[رَوَاهُ مُسْلِمٌ]
وَعَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ:
«كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ»
[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]
فَالْمُبَادَرَةَ الْمُبَادَرَةَ إِلَى اغْتِنَامِ مَا بَقِيَ مِنَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ فَقَدْ تَكُونُ فِيهَا مِنْ عُتَقَاءِ اللهِ الْكِرَامِ ، وَيَا سَعَادَةَ مَنْ أَعَتَقَهُ اللهُ مِنَ الْجَحِيمِ ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ .
فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ»
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
نَحْنُ فِي لَيَالٍ عَظِيمَةٍ هِيَ خَيْرُ لَيَالِي السَّنَةِ فِي الْأَجْرِ وَالْمَنْزِلَةِ، يَجْتَهِدُ فِي لَيَالِيهَا غَايَةَ الِاجْتِهَادِ الْمُؤْمِنُونَ وَيَتَنَافَسُ فِي الْعَمَلِ فِيهَا الْمُتَنَافِسُونَ حِرْصًا مِنْهُمْ عَلَى إِدْرَاكِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَالْعَمَلُ فِيهَا مُضَاعَفٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .
فَيَا غَنِيمَةَ مَنْ أَدْرَكَهَا وَيَا حِرْمَانَ مَنْ فَرَّطَ فِيهَا وَتَرَكَهَا .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
دَخَلَ رَمَضَانُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ»
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
#فَهِيَ لَيْلَةٌ مُبَارَكَةٌ لِكَثْرَةِ خَيْرِهَا وَبَرَكَتِهَا وَفَضْلِهَا، وَمِنْ بَرَكَتِهَا :
أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الْمُبَارَكَ أُنْزِلَ فِيهَا :
قَالَ تَعَالَى:
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ
[الدخان:3]
بَلْ أَنْزَلَ اللهُ عَنْهَا سُورَةً كَامِلَةً وَبَيَّنَ فِيهَا مَزَايَاهَا وَفَضْلَهَا.
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
القدر:1-5
مَنْ قَامَهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا بِمَا أَعَدَّ اللهُ لِلْقَائِمِينَ فِيهَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ تَكْفيرِ ذُنُوبِهِ وَمَحْوِ سَيِّئَاتِهِ
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]
وَلِهَذَا كَانَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَدْعِيَةِ فِيهَا سُؤَالُ اللهِ الْعَفْوَ وَالْمَغْفِرَةَ
فَقَدْ سَأَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، مَا أَقُولُ؟
قَالَ: «تَقُولِينَ :
اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي»
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
#مِمَّا يُشْرَعُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي:
الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسَاجِدِ حِرْصًا عَلَى طَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَرَغْبَةً فِي الْخَيْرِ وَالْأَجْرِ وَالِانْقِطَاعِ عَنِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ عَلَى الْآخِرَةِ
فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ هَذِهِ الْعَشْرَ فِي المَسْجِدِ ، يَتَفَرَّغُ لِطَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاعْتَكَفَ أَصْحَابُهُ وأَزْوَاجُهُ مَعَهُ وَبَعْدَهُ .
فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ اعْتكَفَ العَشْرَ الْأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ قَالَ: فأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ، فَدَنَوْا مِنْهُ .
فَقَالَ: إِنِّي اعْتكَفْتُ العَشْرَ الأَوَّلَ؛ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ العَشْرَ الأَوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي : إِنَّهَا فِي العَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ .
[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا:
«أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ»
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
فَاجْتَهِدُوا رَحِمَكُمُ اللهُ فِي طَلَبِهَا، وَاحْرِصُوا عَلَى الْخَيْرِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَلَيَالِيهَا .
بلغنا الله وإياكم ليلة القدر ..
Post A Comment: