الأديب الفلسطيني / فايز حميدي يكتب قصيدة تحت عنوان "اليَرموك وَجنين ذاكِرَتي" 




تهويمات في الساعة الهامدة من الليل ..

 

                   -١-

بينَ الغَفوةَ واليقظةَ والوَاقعَ والمحالَ 

حكايةُ انكسارِ النَّدى 

وعقدةُ الباقي على قيدِ الحيَّاة 

اتكأ قلبيَّ على عَصاهُ 

يومَ تناثرَ الحُلم 

وَصدئت عرباتُ النَّهار 

وجفَّ الضياءُ على النَّوافذِ

دمٌ هُنا ، ووجهٌ فوضويٌ هُناك 

تهدمَ وجهُ المدينةَ 

ورسمَ وجهٌ غريبٌ سِواهُ 

وَسقطت كلُّ الاختياراتِ 

في ظلالِ الغيومِ الجَريحة !!


أجلسُ حائراٌ يَصلُبني النَّهار 

خلفَ جُرحيَّ التتريُّ ، أنا المُخيّمُ 

وجُرحيَّ الأخويُّ ، حرائقٌ ودمارُ 

وتأخُذني يَا أُمي سكتةُ الفَجيعةِ 


الوَطنُ ، جثةُ الصَّمت ، مَقصلةٌ خَرساءُ 

والرُّوحُ نجمةٌ قَتيلةٌ 

صُقلت بأظَافرِ الزَّمان الرَّدي

كَما تُصقلُ حجارةَ الشّواطئ 

بالأمواجِ الحَزينة 

في سرطانِ الصَّمت في الحِصارِ 

فَحيحُ الأفاعيَّ تُحاصِرني 

وَصرخةُ القلبُّ تُباغِتُني 

وَكم من انتصارٍ أشدُّ مرارةً 

من مرارةِ الهَزائمِ

                   -٢-

اليَرموكُ وجنينُ ذاكرَتي 

حَاضِرٌ مُزدحمٌ بالمَاضي 

جُرحيَّ المُشعُ على المَدى 

تائهٌ مثلَ آذانٍ في الفلاةِ

وَدمُنا المسفوحُ يَمشي في كَمدٍ 

تُسافرُ الطلقةُ من مَجزرةٍ إلى مَذبحةٍ 

إلى رَصاصةِ قناصٍ إلى المقبرةِ !! 

وما سَقطت أعمدةُ الرُّوح وبرتقالُ الذَاكرةِ 

صَبرا* تُجدِّدُ حِدَادها في اليَرموك ويتعانقانِ ، ويعيدان عرض الأجوبة !! 

الرِّيحُ لا تَنحني ، ولا تَعود القَهقرى

 

غزةُ تُضيئُني كَصهيل وتزيدُ من عَطشي 

أشتمُّ رائحتكِ في دَميَّ

 من جَمرٍ ومن بَرَدِ

وأمضي إلى البحرِ ، ويأخُذني الحنين إلى النَقبِ  

وَيزهرُ الدَّحنونَ* والميرَميةَ والشُّومرِ 

بِلاديَّ أوطانُ النُّجومِ

مكتوبةٌ على شَفتيَّ وفي الكَبِدِ

القدسُ واليَرموكُ مُحيطٌ

وكلُّ بلادِ الأرضِ شُطآنُ 



                   محبتي 


* صبرا : مخيم صبرا في لبنان .

* الدحنون : زهور شقائق النعمان .


( القدس الموحدة عاصمة فلسطين الأبدية )





الأديب الفلسطيني / فايز حميدي يكتب قصيدة تحت عنوان "اليَرموك وَجنين ذاكِرَتي" 


Share To: