حديث الجمعة | القدوة الحسنة 51 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف




أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن بعض ما اختص الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ترغيبا وترهيبا فى حرمة الدماء

واليوم بإذن الله تعالى أحدثك عن رحمته صلى الله عليه وسلم بالفقراء من أمته وهو يحث المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات على إخراج الزكاة تحت عنوان

                 (حق معلوم)  

استجابة للحملة الدعوية التى أطلقها الأزهر الشريف بتوجيهات من فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف لتعم الفائدة على الفقراء بالانتفاع، 

وعلى الأغنياء بالأجر  والطهر والنقاء

وما تحققه فريضة الزكاة من تنميةٍ وانعكاسٍ يعود على المجتمع بالخير والرخاء

قال تعالى:{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}(الذاريات:١٩). ويصف الحكيم الخبير عباده المؤمنين: { وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ . لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (المعارج:٢٤-٢٥).. ويقول جل في علاه: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (الأنعام:١٤١). فالزكاة حق معلوم محدد من حيث المال الذي يجب فيه الحق والمقدار الواجب منه ، ووقت الوجوب ، ومن يجب عليه ومن يجب له. ولقد تولى الشارع بنفسه تحديد هذا الحق وبيانه ولم يترك ذلك لجود الموسرين ، وكرم المحسنين ، ومدى ما تنطوى عليه نفوسهم من رحمة ، وما تحمله قلوبهم من رغبة في البر والإحسان وحب فعل الخير، بل إن فقهاء المسلمين يقررون إن حق الفقير والمسكين في أموال الأغنياء من الحقوق التي تتعلق بالمال وتمنع المالك من التصرف فيه قبل أداء الزكاة ، ويبالغون في تأكيد هذا الحق فيرونه مقدمٍا على جميع ما عداه من الدين ، فالفقير والمسكين يستوفي قيمة الزكاة التي يستحقها في مال الغني قبل أن يأخذ جميع الدائنين حقوقهم من هذا المال. إن ما يأخذه الفقير من مال الغنى حق بكل خصائص الحق في الإسلام ، أما ما يأخذه الفقير من مساعدات في نظام التكافل الاجتماعي الذي يعرفه العالم اليوم فإن له شبهًا بالحق وليست له صفاته وخصائصه ، ولا قوته ولا لزومه ، كما يقرر دعاة هذه النظم أنفسهم ، ومما يؤيد القول بأن ما يستحقه الفقير في أموال الأغنياء يعد حقًا لازمًا ودينًا ثابتًا يجب على الغني دفعه، فهو حق يُقضى ودين يُؤدى

أولا :-الحث على التكافل

 قال تعالى(وتعاونوا على البروالتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) المائده٢ وقوله تعالى ( إنما المؤمنون إخوة) الحجرات ١٠

فقد حس الإسلام على التكافل منذ جاء به البشيرصلى الله عليه وسلم وكان له فضل السبق فيما يرسخ قيم التكافل التى ينادى بها العالم الآن واقتصرها على الغذاء والسكن

لكن الإسلام قرر لكل مواطن حق الحياة وحق الحرية وحق العلم وحق الكرامة وحق التملك

وأبدأ معك الحديث بأهم صور التكافل فى الكتاب

النفقه على الأقارب والحث على إكرام الجار والحث على الصدقات والزكاة وهذه أهم صور التكافل فى الإسلام 

أولا نفقة الأقارب

لقد جعل الإسلام ذوى القربى متضامنين متكافلين يشد بعضهم أزر بعض ويحمى قويهم ضعيفهم ويكفل غنيهم فقيرهم وجعل بواعث التعاطف والتراحم والتساند أوثق عراهُ

قال تعالى(يسئلونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خيرفللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل)البقرة٢١٥

وقال تعالى (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله)الأحزاب٦

وقال تعالى(واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين)النساء٣٦

وقال تعالى (واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام)النساء١

هذه النصوص تهذيب للنفوس وتقرب من المعطى وإغناء لمن فرضت عليهم الظروف

وقد قرر الإسلام حق كل فقير مسلم أن يرفع دعوى النفقة على الأغنياء خاصة منهم الأقرباء 

والأقوياء وإذا كان الإسلام حث على صلة الرحم فلا معنى للصلة دون النفقة على المحتاج،وأى قطيعة أعظم من أن يراه يتلظى جوعا وعطشا ويتأذى بالحر والبرد ولا يطعمه لقمة ولا يسقيه من الماء جرعة ولا يكسوه ما يستر عورته ويقيه الحر والبرد ويسكنه تحت سقف يظله وهو أخوه ابن أمه وأبيه أو عمه أو صنو أبيه أوخالته التى هى أمه

إنما يجب عليه من ذلك ما يجب بذله للأجنبى البعيد فهو أخوه فى الإنسانية 

فما بالك بمن يزيد على ذلك  أخوة الدين والنسب

وإذاكان القريب يرث قريبه بعد موته فيغنم

كذلك لو تركه فريسة للجوع والفقر يأثم

وشرط النفقة فقر من تجب له النفقة فإذا استغنى بمال أو كسب فلا نفقة له وأن يكون المنفق عنده فضل مال زائد عن نفقته ونفقة من يعول

ولا يحتجون بما يمنعهم من البر ممن انقطعت عنهم أسباب الكسب والوصول إلى سد حاجتهم إلا بالامتثال لأمر الله وأمر الرسول هذا والحديث بإذن الله موصول إن كان فى العمر بقية وإن كانت الأخرى فامتداد الأجر من الله دلت عليه النقول وما عند الله موثوق ومأمول.




حديث الجمعة | القدوة الحسنة 51 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف



Share To: