فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "سؤال الناس بلا حاجة" 




بعض الناس يمتهن حرفة الشحاذة سؤال الناس أموالهم ولا شك أن هذا لا يجوز ففي الحديث وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : 


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 


من سأل الناس تكثُّرًا، فإنما يَسأل جمرًا؛ فليستقلَّ أو ليستكثِرْ .


رواه مسلم


وعن سمُرة بن جُندب رضي الله عنه قال :


 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 


إن المسألة كَدٌّ يكُدُّ بها الرجل وجهه ، إلا أن يسأل الرجلُ سلطانًا ، أو في أمر لا بد منه .


 رواه الترمذي، وقال: حديث حسنٌ صحيحٌ

 

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : 


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 


من أصابتْه فاقةٌ فأنزَلَها بالناس لم تُسَدَّ فاقتُه ، ومن أنزَلَها بالله ، فيوشك الله له برزق عاجلٍ أو آجلٍ .


رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن

 

وعن ثوبان رضي الله عنه قال : 


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 


من تَكفَّلَ لي أن لا يَسأل الناس شيئًا وأتكفَّلُ له بالجنة ؟


فقلت : أنا .


فكان لا يسأل أحدًا شيئًا . 


رواه أبو داود بإسناد صحيح


وعن أبي بشر قبيصة بن المخارق رضي الله عنه قال : 


تَحمَّلتُ حَمالةً ، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال : 


أقِمْ حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ثم قال : 


يا قبيصة ، إن المسألة لا تحلُّ إلا لأحد ثلاثة : 


رجلٌ تَحمَّلَ حمالة : فحلَّت له المسألةُ حتى يصيبها ثم يمسك .


ورجلٌ أصابته جائحة اجتاحت مالَه ، فحلَّت له المسألة حتى يصيب قِوامًا من عيش ، أو قال : سِدادًا من عيش .


ورجل أصابته فاقةٌ ، حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه : لقد أصابت فلانًا فاقةٌ ، فحلَّت له المسألة حتى يصيب قِوامًا من عيش أو قال : سِدادًا من عيش ، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتٌ ، يأكلها صاحبها سحتًا .


رواه مسلم


وعن أبي هريرة رضي الله عنه :


عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 


ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترُدُّه اللقمة واللقمتانِ ، والتمرة والتمرتانِ ، ولكن المسكين الذي لا يجد غنًى يُغنيه ، ولا يُفطَنُ له فيُتصدَّقَ عليه ، ولا يقوم فيسألَ الناس .


متفق عليه


قال ابن عثيمين رحمه الله :


هذه الأحاديث في بيان الوعيد لمن سأل الناسَ أموالَهم بغير ضرور .


ففي حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 


مَن سأل الناسَ أموالهم تكثرًا فإنما يسأل جمرًا فليستقلَّ أو ليستكثرْ .


يعني من سأل الناس أموالهم ليُكثر بها ماله، فإنما يسأل جمرًا ؛ فليستقلَّ أو ليستكثر ، إنِ استكثَرَ زاد الجمر عليه وإنِ استقلَّ قلَّ الجمر عليه ، وإنْ ترَك سَلِمَ من الجمر .


ففي هذا دليلٌ على أن سؤال الناس بلا حاجة من كبائر الذنوب .


فمن أنزَلَ حاجته بالناس ، وفاقَتَه بالناس فإنها لا تُقضى حاجته ؛ لأن من تعلَّقَ شيئًا وُكِل إليه ومن وكل إلى الناس أمره فإنه خائب لا تقضى حاجته ويستمر دائمًا يسأل ولا يشبع ومن أنزَلَها بالله عز وجلَّ واعتمَد على الله وتوكَّل عليه وفعل الأسباب التي أمر بها فإنه يوشك أن تُقضى حاجته لأن الله سبحانه وتعالى يقول : 


﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ﴾ 


[الطلاق: 3]


لاتزال المسألة باحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم .


والعجب ان يستدل بعض الشحاذين على امتهان حرفة الشحاذة بقول الله تعالى في سورة الكهف :


حتى اذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا ان يضيفوهما 


قال الشحاذ هذا سؤال نبيين كريمين ؟


والجواب هذا السؤال من النبيين كان عند الحاجة وعدم الاستكثار .


وقد سبق هذا الشحاذ إلى الاستدلال  على امتهان الشحاذة سبقه إلى هذا الحريري النحوي صاحب المقامات المشهورة في اللغة وقد رد عليه الإمام القرطبي رحمه الله ردا قويا لاذعا قال تعالى : 


{فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً  قالَ هَذَا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً} 


ردا على الحريري النحوي رحمه الله تعالى : 


ويعفو الله عن الحريري حيث استخف في هذه الآية وتمجن ، وأتى بخطل من القول وزل .


 فاستدل بها على الكدية والإلحاح فيها ، وأن ذلك ليس بمعيب على فاعله ، ولا منقصة عليه فقال :


وَإِنْ رُدِدْتُ فَمَا فِي الرَّدِّ مَنْقَصَةٌ     


              عَلَيْكَ قَدْ رُدَّ مُوسَى قَبْلُ وَالْخَضِرُ


قلت : 


وهذا لعب بالدين ، وانسلال عن احترام النبيين ، وهي شنشنة أدبية ، وهفوة سخافية ; ويرحم الله السلف الصالح ، فلقد بالغوا في وصية كل ذي عقل راجح ، فقالوا : مهما كنت لاعبا بشيء فإياك أن تلعب بدينك .





فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "سؤال الناس بلا حاجة" 


Share To: