الأديب المصري / سمير لوبه يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الطير المهاجر "
‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘
في داخلِه طفلٌ فقدَ بوصلتَه في شوارعِ المدينةِ الشاسعةِ ، لا يملكُ خريطةً ، تاهت منه الدروبُ ، يحاولُ أن يتجاوزَ سحائبَ الحزنِ ، يفتشُ في وجوهِ سالت عليها ألوانُ المساحيقِ عن نظرةِ احتواءِ تلقي عليه عباءةَ دفءٍ ، يشتاقُ لكلمةِ إنصافٍ ينتفضُ لها وجدانُه وتهتزُ لها مشاعرُه تكفكفُ دموعَ الفقدِ ، لا شيء في فضائه المظلمِ سوى برودةِ الصمتِ الجاثمِ على صدرِه ، في صحرائه القاحلةِ هرهرةُ الرياحِ تتداعى معها أوصالُه وحواسُه ترتعدُ فرائصُه ، يبحثُ عن يدٍ حانيةٍ فلا يجدُ إلا أكفَ الصبارِ تربتُ على قلبِه الأخضرِ تدميه ، فوقَ أوراقِه المتناثرةِ يبحثُ عن حروفٍ ابتلعتها أضبةِ النسيانِ ، تنسابُ دموعُه مِدادًا لقلمِه ليخطَّ بينَ دفتي كتابِه بوحَه الصامتَ ، يجثو على ركبتيه يتلمسُ دربَه بأكفِه الرقيقةِ تدميها أشواكُ واقعِه المؤلمِ ، يجلسُ القرفصاء تسيلُ دمعاتُه في أخاديدِ وجهِه التي حفرتها براثنُ الزمانِ في قسوةٍ ودونَ هوادةٍ ، يحلقُ في سماءِ خيالِه يرى نفسَه في الأورسيه أو اللوڤر أو البارادو أو المتروبوليتان تمتزجُ روحُه مع الألوانِ في أطرٍ مذهبةٍ ، يهاجرُ فوقَ الأمواجِ العاتيةِ بينَ الظلماتِ اللا متناهيةِ يبحثُ عن البرِ أو ربَّما قلوبٍ حانيةٍ تربتُ على روحِه التي اغتالتها الليالي القاسيةُ بلا شفقةٍ ، على شاطئ البحرِ تلتقطُ عدساتُ المصورِ جثةً مسجاة لفظتها الأمواجُ بعد أن التهمت روحَها ، تتصدرُ صورتُه الصحفَ والمواقعَ
الآنَ وجدَ قلوبًا تشفقُ عليه وعيونًا تدمعُ لحالِه
الأديب المصري / سمير لوبه يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الطير المهاجر "
Post A Comment: