الكاتبة الصحافية السودانية / هديل عبدالرحمن تكتب مقالًا تحت عنوان "علمونا في صغرنا أن في الحركة بركة"
علمونا في صغرنا أن في الحركة بركة والبحث عن الرزق عبادة سواء من أجل ملء فراغ أو من أجل الحصول على ما يُعيل في هذه الحياة وكل ما نفعله في النهاية يكون من أجل النفس التي تتوق دائماً الى ما يريحها، سمعنا كثيراً جملة "أملأ الفراغ". كانت هذه الجملة من بين الجُمل التي تعوّدنا عليها في الصّغر، كان الفراغ وقتها مجرّد كلمةً صغيرة أضاعت مكانها، اليوم صار الفراغ كبيراً وغدت الكلمة تجربة خطيرة، ما عاد الفراغ يعنينا، لقد تعلمنا بمرور الوقت أنّ الحياة تمرين طويل ماكان يجب علينا أن نملأ كلّ فراغاته. إن الفراغ يقتل أهم الصفات الإيجابية الموجودة فينا، فهو مقبرة لأحلامنا وحاضرنا ومستقبلنا فلا شيء في العالم يُعذب النفس البشرية أكثر من الفراغ، واليد العليا عند الله خير من اليد السفلى، بالعمل نحس بقيمتنا كبشر، الفراغ يعني الوهم، والوحدة، والإفلاس، والإنحراف، يعني الموت البطئ، ويعني أن السماء لا تمطر ذهباً، يعني كرامة الإنسان وحفظ ماء وجهه، إبقِ نفسك مشغولاً ما أستطعت تسعد، الأيام المملوءة نعمة، مهما كانت ثقيلة، حتى ولو لم تستطع إنجاز نصفها، إلا انها ترتب اليوم وتشعرك بالإنجاز.
يظن كثير من الناس أن الراحة في الفراغ وترك العمل، والحقيقة أن النفس أَوْهَن ما تكون حين تكون فارغة، وأن الأحزان أقدر ما تكون عليكَ حين تخلو من العمل، وخواطر السوء وهواجس الشرّ تتوغّل في النفس الخاوية وتهابُ النفوسُ الملأى العاملة المكتظّة ولا تجد إليها منفذاً وكل من ظن أن في العمل راحه عليه أن يقرأ هاتين المقولتين
مقولة "محمد شكري"
(على المرء أن يبقى مشغولًاً للحد الذي يلهيّه عن تعاسته)
ومقولة "غازي القصيّبي"
(العمل لا يقتل مهما كان شاقاً و قاسياً، و لكن الفراغ يقتل حتى أنبل ما في الإنسان"
في المقولتين برهان كافٍ على كون الفراغ يجر معه كل ما هو معني بتعاستك.
وتذكروا دائماً أن في أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل، وإذا كان العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى.
الكاتبة الصحافية السودانية / هديل عبدالرحمن تكتب مقالًا تحت عنوان "علمونا في صغرنا أن في الحركة بركة"
Post A Comment: