الأديب المصري / محمد نورالدين يكتب مقالًا تحت عنوان "اتركوهم للذبح" 


الأديب المصري / محمد نورالدين يكتب مقالًا تحت عنوان "اتركوهم للذبح"


اتركوا كلاهما للذبح، فكلاهما كانوا في الجيش الذي قضى على بلادنا وقت الاتحاد السوفياتي، نعم كلاهما ولا فرق بينهما البتة.

ماذا تعرفون عن معاناة الافغان منذ اربعة عقود، ماذا تعرفون عن افغانستان قبل دخول هؤلاء الجنود حدودنا وكيف ترونها الان، انهم قتله ولست بشامت ولست بمتعاطف.

كنت أعيش آمناً في أسرة من الطبقة المتوسطة أواظب على دروسي حالماً أن أكون طبيباً مثل والداي، لقد كانا طبيبين في سن الشباب ولم يكون لهما أي إهتمام بالسياسة غير انهما يعيشان في بلد يجمع أكثر من قومية، وفجأة انقلبت حياتنا بقذيفة اصابت المشفى الذي يعمل به والدي وقتل على أثرها.

كان يوم حزين اذكره جيداً، أذكر نحيب أمي والآمها، أذكر فزعها ورعبا الذي لامها سنوات، أذكر كوابيسها التي كانت توقظها بصراخ مفزع، أذكر كيف عاشت حزينة سنوات تحاول أن تحافظ على حياتي.

اذكر يوم هروبها من أفغانستان لنعيش في مكان آمن وكم عانت من غربتها ومن الفقر احياناً حتى أستطاعت تأمين حياتي في الخليج، لكني لم أستطع أن أدرس الطب كما كنت أحلم، بل وتركت كل أحلامي لكي أحاول توفير نفقات التعليم لكي أمتهن اعمال متواضعة واحياناً وضيعة.

لم تقض الحرب في أفغانستان عن أحلامي فحسب، بل قضت على أفغانستان برمتها، سنوات من الحرب والصفقات التي أبرمت بين الغرب والشرق على جثث الأفغان، سنوات من الفشل والضحية ليس غير الافغان، سنوات من التدمير والقضاء على كل ما كان يملكه الافغان.

بأي قلب أستطيع أن أتعاطف مع أي منهما، كلاهما أجرموا في بلادنا ودمروها وقتما كانوا في اتحاد، واليوم هم يتقاتلون.

اتركوهم واتركوا من يستطيع الحرب ليذيق شعبه شئ مما اذاقونا.

"نص أدبي يعبر عن معاناة الشعوب ونتائج الحروب"





الأديب المصري / محمد نورالدين يكتب مقالًا تحت عنوان "اتركوهم للذبح" 




Share To: