باحث السوسيولوجيا المغربي / محمد أفارس يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "روح البحر"


باحث السوسيولوجيا المغربي / محمد أفارس يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "روح البحر"

 

 

بكل الكبرياء والقوة التي ورثها عن الجبل يأبى أن يسلم بأن البحر غدارة أمواجه.. كل مساء يتجه آدم ذلك الشاب الطويل بشعره الكثيف إلى البحر.. تربى وترعرع في الجبل لكنه عشق البحر وأمواجه.. طالما قال ان البحر أم ثق به فقط وسيحملك كما تحمل الام طفلها الرضيع.. وفي مساء احد الايام كما جرت العادة كان آدم يمزق الامواج بذراعيه.. تلك الذراع القوية بفعل تسلق الجبل، لطالما قال عنها اصدقائه عصى موسى لمهاراتها في تمزيق الامواج.. كان يتقدم نحو حضن البحر عندما شعر بدوامة تكبل قديمه.. حاول التخلص منها دون جدوى.. يسحب نفسه بيديه وشيء ما يجره الى الاسفل.. نجى منها بأعجوبة مهرولا الى الشاطئ.. يجر قدميه بصعوبة و يلهت من فعل الصدمة.. ما إن رفع عيونه عن رمال الشاطئ حتى وقع اسير بحر آخر.. ابتسمت له وغرق في عيونها نحو القاع دون أية محاولة لنجاة.. فتاة طويلة بعيون عسلية.. بابتسامة واحدة اذابت كل الخوف في قلبه وانتشلته من الصدمة كأنه لم يكن يصارع الموت قبل قليل.. نجى من البحر ولم ينجوا من عيونها.. نظر خلفه ليرى هل الشمس هناك أم أنها نزلت أمامه لتو.. كانت الشمس تغيب في تلك الاثناء.. ابتلعها البحر في توبها الذهبي.. جميلة مثل عروس تزف الى البلاط.. إلتفت الى الفتاة ولم يجدها غابت بين الحشود.. بقي آدم هناك بلا حراك بعد أن غابت عنه شمسان.. لايقدر على الحراك.. سأله بائع القهوة ماذا هناك يا آدم ؟ رد بصوت متعب غابت عني يا صاحبي شمسان وسرقت مني روح البحر كل الكبرياء الذي جئت به من الجبل.. من روح البحر يا آدم ؟ كائن له عينان كل واحدة منهما محيط شاسع من الجمال.. وابتسامة أقل ما يقال عنها جزيرة ورد الريحان.. خذ قهوتك يا صحابي يبدوا أن تأخرك اليوم في شربها أثر على دماغك.. دماغي لم يعد هنا رحل وراء روح البحر.





Share To: