الأديب التونسي / أ. المختار عيادي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "في المقهى العربي" 


الأديب التونسي / أ. المختار عيادي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "في المقهى العربي"


تستميله قهوة الصباح و تجتاح نكهتها كيانه ، يكتفي بسد رمقه بما تيسر من خبز و زيت ، و يغادر منزله نحو مقهى الحي على عجل .

هناك في ركن منعزل، يسحب بديع سيجارة اشتراها كي يستطعم بها الرغوة المشمشية الصفراء ، و ينفث دخانها في الفضاء و يكسر بها إرهاق الأرق في ليلة حارة ظلماء.. 

كل الذين يعرفهم لهم ذات الطقوس ... هواتفهم الكبيرة مسنودة إلى أكفهم ، و رجع صدى مشاعرهم تعبق في الارجاء ، بين ابتسامات و عبوس و نقرات سريعة على لوحة المفاتيح، تصحبها طرطقة الكتابة للمحبوب و أزاهير مفتحة و رقصات حمر القلوب.. و البقية ، ترى الدنيا قد ضاقت و الأمل قد تاه بين واقع محدود و أفق مسدود.

كان بديع قد تخلص من عادة لعب الورق منذ سنوات ، و أضحت القهوة ترسل له النداء مع تباشير الصبح و انتعاش الحركة، فيلبي الدعوة صاغرا أمام سحرها الفتان و يجلس لمؤانستها  مكتفيا باستقاء المستجدات و مطالعة بعض الحكايات و الروايات ... و من حين إلى آخر يتسلل إلى مسمعه حديث الدهماء و قدرتهم على الإفتاء ،حتى تحسبهم من فرط اللجلجة علماء  ...

 كل الطاولات عامرة بجلاسها ، يكاد الوصل بينهم ينقطع من شدة ارتباطهم بالأخبار المتواترة عن الضيق العربي و ما يرد من أخبار الاستشهاد في سرة العروبة..

 ينادي مناد يطلب فتح التلفاز ، على قنوات عربية ، علها تلهب حمية الشعوب...لا شيء هناك ،فالجو في المباشر احتفالي بين رقص و كعكة مرطبات و مغن ينشد متمايلا كذيل ديك مغرور .. تنهد بديع و عاد يستقي الاخبار عن الحرب من قلاع العدو  و أرقام العدو و من صفحات جرائه المأجورة التي تنبح بأمر يأتيها لسفك دم سلطان العروبة و نزع التاج عن رؤوس عرائسها ... يوما بعد يوم.






Share To: