فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "سُنَّةٌ مَهْجُورَةٌ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ"


فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "سُنَّةٌ مَهْجُورَةٌ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ"

 


▪️بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى


▪️مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف


اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ جَعَلَ هَذِهِ الْأَيَّامَ خَيْرَ أَيَّامِ الْعَامِ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ مُحَمَّدٌ ﷺ .


أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ هِيَ أَيَّامُ الْعَشْرِ يَعْنِي : 


الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ 


وَكَانَتِ الْعَشْرُ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى مَنْ سَبَقَنَا مِنْ عُلَمَائِنَا أَقْبَلُوا عَلَى الْعِبَادَةِ .


كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَتَوَخُّونَ فِي الْعَشْرِ سُنَّةَ الرَّسُولِ ﷺ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ مُسْلِمٌ بِسَنَدِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا :


عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ : 


مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ .


يَعْنِي : مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ .


فَإِذَا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ .


يَعْنِي : فَدَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ .


فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعَرِهِ .


يعنى لَا مِنْ إِبِطِهِ وَلَا مِنْ عَانَتِهِ وَلَا مِنْ شَارِبِهِ .


فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعَرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ .


#وَالنَّبِيُّ_ﷺ_جَعَلَهَا_سُنَّةً_مَسْنُونَةً 


ومعْنى الحديث إِذَا أَهَلَّ هِلَالُ الْعَشْرِ الْأَوَائِلِ .


وَكَانَ لِأَحَدِكُمْ ذِبْحٌ يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَهُ أى أُضْحِيَةٌ يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ فَلَا يَقْلِمُ ظُفُرًا وَلَا يَأْخُذُ شَعْرًا

لَا مِنْ إِبِطٍ وَلَا مِنْ شَارِبٍ وَلَا مِنْ رَأْسٍ وَلَا عَانَةٍ لَا بِالْمُوسَى وَلَا بِالنَّتْفِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ جَمِيعِهِ .


أَمَّا مَنْ عَنَّاهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَاضْطُرَّ إِلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَعْرِهِ ؛ كَأَنْ أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي رَأْسِهِ يُرَادُ مِنْهُ أَنْ يُخَاطَ جُرْحُهُ ؛ فَإِنَّهُ لَا حَرَجَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ شَعْرِهِ بِقَدَرٍ .


وَكَذَلِكَ مَنْ سَقَطَ ظُفُرُهُ أَوْ أَصَابَهُ شَيءٌ اضْطُرَّ مَعَهُ إِلَى إِزَالَةِ ذَلِكَ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ .


#ثُمَّ_مَا_الْحِكْمَةُ_فِي_ذَلِكَ؟


يَقُولُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ : 


لَمَّا كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يُقَدِّمُهُ أُضْحِيَّةً للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ فَقَدْ نَاسَبَ ذَلِكَ أَنْ يُمْسِكَ عَنْ شَعْرِهِ وَظُفُرِهِ حَتَّى يُزِيلَ ذَلِكَ مَعَ ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، فَيَكُونُ قَدْ أَتَى بِتَمَامِ التَّضْحِيَةِ .


#وَقَالَ آخَرُونَ : 


لِيَكُونَ الْعِتْقُ مِنَ النَّارِ عَلَى حَسَبِ تَمَامِ الْأَعْضَاءِ فَيَظَلُّ كَذَلِكَ وَمَعَهُ الْأَعْضَاءُ بِتَمَامِهَا حَتَّى يُعْتَقَ مِنَ النَّارِ .


#وَقَالَ آخَرُونَ : 


إِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُشَارِكًا لِلْمُحْرِمِ فِي بَعْضِ النُّسُكِ إِذْ إِنَّ الْمُحْرِمَ غَيْرُ الْمُفْرِدِ يُقَدِّمُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مَا يُقَدِّمُ ذَبْحًا للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَكَذَلِكَ مَنْ يَسُوقُ الْهَدْيَ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .


فَلَمَّا كَانَ مُشَارِكًا لِلْمُحْرِمِ فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ النُّسُكِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ بِالْإِحْرَامِ عَنِ الظُّفُرِ وَالشَّعْرِ

فَإِنَّهُ نَاسَبَ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي ذَلِكَ ، لَمَّا كَانَ مُشَارِكًا لِلْمُحْرِمِ فِي بَعْضِ النُّسُكِ وَهُوَ الذَّبْحُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أُضْحِيَّةً وَهَدْيًا .

نَاسَبَ أَنْ يَكُونَ مُشَارِكًا لِلْمُحْرِمِ فِي هَذَا الْأَمْرِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنِ الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُحْرِمِ فِيمَا لَا يَخْفَى .


#وَقَالَ آخَرُونَ :


إِنَّهُ تَشْمَلُهُ أَحْكَامُ الْمُحْرِمِ ، كَمَا أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ ظُفُرِهِ ؛ فَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .


#فَالنَّبِيُّ ﷺ أَمَرَ مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ وَأَرَادَ أَنْ يَذْبَحَ .


يَعْنِي : مَنْ كَانَ عِنْدَهُ حَيَوَانٌ لَهُ شُرُوطُ الْأُضْحِيَّةِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تَتَوَفَّرَ فِيهِ وَيَكُونُ الْحَيَوَانُ خَالِيًا مِنَ الْعُيُوبِ ؛ إِذَا مَا أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُمْسِكَ مِنْ شَعْرِهِ ، وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ أَظْفَارِهِ كَمَا ورد فى حديث رَسُولُ اللهِ ﷺ .


#وَيَا لَهُ مِنْ مَظْهَرٍ جَلِيلٍ تَتَوَحَّدُ فِيهِ الْأُمَّةُ بَيْنَ مَنْ كَانَ شَاهِدًا لِلْحَجِّ فِي الْمَوْسِمِ مِنْ عَامِهِ وَمَنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَنْ يَشْهَدَهُ ، فَإِنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ جَعَلَ هَذَا الْأَمْرَ بِالِاسْتِطْرَاقِ فِي الْأُمَّةِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ الْجَلِيلِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ إِلَّا فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ .


{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} 


[الأنعام: 162-163]


فَيَا لَهُ مِنْ مَظْهَرٍ تَأْتَلِفُ فِيهِ الْأُمَّةُ ؛ الْأُمَّةُ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تَأْتَلِفَ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ؛ لِكَيْ يُعِزَّهَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِائْتِلَافِهَا وَلِكَيْ يُخْرِجَهَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مِنَ الذُّلِّ وَالْمَذَلَّةِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِهَا .


#النَّبِيُّ ﷺ دَلَّ عَلَى فَضِيلَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ يَدْخُلُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَالذِّكْرُ تَهْلِيلًا وَتَحْمِيدًا وَتَسْبِيحًا وَتَكْبِيرًا وَيَدْخُلُ فِيهِ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ .

وَيَدْخُلُ فِيهِ طَلَبُ الْعِلْمِ وَبَثُّهُ وَإِذَاعَتُهُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الصِّيَامُ، وَالزَّكَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَالْعَطْفُ عَلَى الْأَيْتَامِ وَالْمَسَاكِينِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ وَمَا أَشْبَهَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ .


#فَيُسْتَحَبُّ الصَّوْمُ فِي تِسْعِ ذِي الْحِجَّةِ ، وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَأَنْ تَأْتِيَ بِأَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْعِبَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ فِيهِ غَايَةَ الْجُهْدِ كَمَا كَانَ السَّابِقُونَ مِنَ الصَّالِحِينَ يَفْعَلُونَ .


#فَهَذِهِ فُرْصَةٌ قَدْ لَا تَعُودُ إِنْ مَضَتْ قَدْ لَا تَعُودُ ، وَالْعَبْدُ دَائِمًا عَلَى وَجَلٍ مِنْ غَدِهِ ، لَا يَدْرِي أَتُشْرِقُ عَلَيْهِ شَمْسُهُ أَم لا .


#أَسْأَلُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ يَجْمَعَنَا جَمِيعًا هَذَا الْعَامَ وَكُلَّ عَامٍ عَلَى صَعِيد عَرَفَاتٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .







Share To: