الكاتبة الصحافية المغربية / إكرام العزوزي تكتب مقالًا تحت عنوان " تماسينت البلدة الأبية المنسِية "
تماسينت الأبية و من لا يعرفها ، الأم الشهية الأبية التي لطالما احتضنت أبناءها بقوة لتخلصهم من قبضة العدو الذي تتبع آثارهم حيثما حلّو و ارتحلو ، الدّرع الحامي التي غرزت بكل ذرّة قوة تملكها رموز المقاومة في قلبها و بين جبالها الرّيفية الشاهقة ، تماسينت العظمة التي لطالما قاست التهميش و راحت ضحية التواطئ الداخلي و الخارجي ؛ رغم أنف الجميع لازال تاريخها يجعلني أعتز بانتمائي و صمودها يحفزني في كلّ آنٍ على المقاومة ؛ في تَماسينت الحقة كسر العضام أهون من كسر المَبدأ و الشرف و الحرمة ، و رغم التهميش الفكري و المادي الممارس و الذي راح ضحيته كثير من أناسِها ؛ فالتاريخ لن ينسى ملاحمها و ملامح ثوارها الكثر و لا سيما منهم الزعيم " حدّو اوقشيش " الذي حمل مشعل أسد و زعيم الريف " محمد بن عبد الكريم الخطابي بعد نفييه الى مصر ؛ لن ينسى غيرته على تماسينت إبان الكساد الاقتصادي و الخراب الذي طال البنيات التحتية و الفكرية عقب الغزو الاستعماري الأجنبي الغاشم ، لن ينسى أطفال تماسينت المنسيون الذين واجهو الخوف ؛ إن التّاريخ هنا يرصدهم في صورة فنية آسرة ؛ كأطفال متباينة أعمارهم يحملون المبدأ في سن يحمل فيها أطفال العالم الحقائب لتلقي تعليم جيد ؛ أطفال يهرولون بشغف نحو مخابئ الزعماء صوب القوافل و نحو الطرق مترقبين قدومهم لتقديم الطعام كشكل من اشكال التضامن اللاّمادي و اللامشروط ، مشَكلين بذلك أملا تغلغل في أعين الزعماء مسبشريين بمستقبلٍ تماسينتي ثائر ، لن ينسى كلّ من ضحى في سبيل الفكرة ؛ فكرة المقاومة ؛ إني أقول و كلّي ثقة أن الفكرة لا تموت و إن طال الخراب جميع جوانب هاته البلدة المنسية .
فكما أنّ التاريخ رجلٌ لا ينسى ، فالمستقبل بدوره رجل غير معروفة هِي ملامحه ؛ تماسينت هاته الطفلة المشرّدة و المغتصَبة في شوارع الخزي و الخيَانة ، ستحيَى بعد كربتها ربيعا ، غدت مقاومة و ستغدو شابة قويّة ، ستنعتق من قبضة التحالف المتكالب و من طغيان التهميش الذي طالها ، البلدة الأم التي لا تكِلّ من ضم أبناءها و أرواحهم ، منهم من راح في سبيل الدفاع عن المبدأ و في سبيلها أو من اتخذ من الهجرة معبراّ و سبيلا للانعتاق من التهميش الذي طال ابناءها ؛ تماسينت الأم ذات الحضن الدائم الرخاء و التعَطش .
Post A Comment: