الفنانة التشكيلية والكاتبة التونسية / رجاء بن موسى تكتب : زمن الناس الطيببن.. دخل من الباب خرج من الخوخة
زمن الناس الطيببن
دخل من الباب خرج من الخوخة
إن اعمالي الفنية هي اعمال تحمل في ذاكرتها حكايات،
هي ثقافة شعب بتقاليده وعاداته وقيمه وأخلاقه، فكل لوحة فنية تصحبها قصة من زمن أجدادنا وحياتهم اليومية،
فهذه لوحة باب الخوخة،٠
..باب الخوخه هو الباب الصغير الموضوع وسط الباب الكبير. وهو باب متثاقل القدم، حيث تتالت في نقله حضارات مختلفة كالحضارة الفارسيه والحضارة الإسلامية وما زال الآن في بعض المساجد والبيوت من المدينه العتيقة، حيث يحافظ على هذه الابواب كجزء من التراث والتقاليد مثل مدينه سيدي بوسعيد في الضاحية الشمالية للعاصمة.
ولنا مثل تونسي يقول :
دخل من الباب خرج من الخوخة
هذذه حكاية جدي الهذيلي حيث تراه معتدلا امام الباب بكدرونه الصوفي الابيض وبمضلته المنسوجة من سعف النخيل تضفي ظلا على عرق يترقرق من جبينه كان قد روى به حرث الارض، ويحمل على كتفه منجلا يحن لساعد قد مشط السانية وقدمها عروسا لغيث السماء، و مثلنا لا ينبت زرع بلا مطر وما تدوم محبه بلا قدر،
وهذه قفته المنسوجة من السمار تشدو بثمار تدعو ضيفه للسهر٠
لقد كان لي حنين الى جدي وهو يضع يده اليسرى الكريمة على كتف ضيفه اسماعيل
فالصاحب اللي ما تلقاه وقت الشدة خليه و اتعدى..هكذا يقول المثل
اما يده اليمنى فقد مسكت دقداقة الباب الكبير لتعزف لحن الكرم والترحيب كدقات حبات المطر تشدو نفعا، والي يقصد يقصد دار كبيرة.
تأهبت جدتي سالمة . أحكمت تقريطتها على شعرها المتموج وأسدلت سالفها على خدها ونظرت ألى معصميها فسترت ما كشف منها بكمي مريول الفضيلة
ووقفت ترتب تخليلتها بحزام صوفي قد نسج من لون الشمس والقمر
وتخرج للحوش وتمد يدها كالأفق
نورت الدار سيدنا
رحنا في خير وسرور المقفول يغلي و الكسكاس يفور
هيا اتفضل مرحبا
تغرب عيون الضيف خجلا، وترتاح أساريره في ابتسامة خفية ويرمي بغربته على الدكانة وينفض غبار الخجل...
فهذه المائدة منصوبة أمامه...
هيا أتفضل كول ما حضر...
فالطعام /الى ما يأكل منو الضيف ما فيشى كيف/.
تبسي كسكسي بالقديد و سلة السعف تتهادى بالكرموس نضجة نضرة
وليس كمثل الكرموس في العديلة.
ويرتوي من ماء عذب رقراق سكب من قلة في مشرب و/موش كل بير يتشرب من ماه/.
وان شاءالله ديما عامرة
ثم تغدو الحكايات لذيذة ....
اذا لقيت الزها والطرب لا اتبدلو لا بشقا ولا بتعب
والحنين الى الماضي يدغدغ السمر
تتذكر ذلك العام يا حسرة الى ان يصل الحمد لله وربي يرحمهم ويسترنا دنيا وآخرة
ها هو ضيفنا يلملم بقايا السهر
سهرية برشا مزيانة و زايد ما تشكر إلا ما اتعاشر وبعد العشرة تبان الناس الملاح..
هيا انبقيكم على خير
تنار له السقيفة بفنارة يحملها جدي في نورها المتكاسل حنين وبركة لهذا اللقاء
فالضيف ضيف لو بقى شتاء وصيف..
يحني الضيف رأسه استعدادا للخروج من باب الخوخة
كيف لا وقد أصبح من اهل الدار...والديار بأصحابها .
تعريف لعلاقتي بفني :
أنا الاساتذة رجاء بن موسى باحثة عن الجمال في كل مكان حاولت ان اجسد ذلك في لوحات ثلاثية الأبعاد قد يبدو للمشاهد ان هذه التقنية حديثة عهد و لكن التاريخ يعود بنا الى الحضارة الاغريقية حيث جسد اليونان الهتهم بهذه التقنية ليلمسوها ويوءمنوا بها ثم انتقلت الى اروبا لتجسيد فن الحكاية ذات البنية الثلاثية ومن ثمة انتشرت هذه التقنية في مختلف الاشكال الفنية وأنا كباحثة ان اجسد ذلك في لوحاتي فحملت الماضي الى الحاضر فهذه جدتي بلباسها التقليدي تعود من غابة الزيتون حاملة حمزة الحطب في المعلف تلقي بالتقريطة والطاقية على معلق يجسد البلاد العربي بازقتها و انوارها ثم تتناول الشاي الأخضر من يد جدي وقد عطره بالنعناع و تخفي مليتها و الفوطة والبلوزة في خزانة تمثل بابب بالخوخة تظلله شجرة الكرم
ثم تتجه للمطبخ وتبحث عن الغربال والمقفول في لوحة فنية تجسد الباب العربي بالدقداقة يفتح مصراعه على الحومة العربي ببيوته ومسجده مشهد يجسد الفن المعماري العربي الاسلامي في العهد الحفصي انه لجميل ان نعرف حياة اجدادنا والحضارات التي تداولت على بلادنا ضمن لوحات ثلاثية الأبعاد تعيش معنا نلمسها و نحن إليها أما عن عشقي لهذه الحرفة فهي متجذرة في دمي فقد كان والدي رحمه الله صانعا الأحذية والحقاءب و قد تداول هذه المهمة بدوره عن جدي رحمه الله وكنت تلك الفتاة التي تحمل المطرقة و تدق المسمار و تحيط الحقاءب وتحمل في محفظتها الى جانب كتابها بعد عودتها من الجامعة حفنة المسامر ورباط الجلد وطريقي هو انشودة أبي يوفى مال الجدين وتبقى صنعةاليدين
أما موقفك النقاد من ادباء وموسقين و ممثلين فقد نظروا الى عملي نظرة اجلال واكبار فما اقدمه يرتقي الى العالمية و لقد وجدت في عيونهم حنين الى الماضي الى بيت اجدادهم أين كان الحب و الود والدفء ان هذه اللوحات بشكلها الجديد تخرجهم من جمودهم وغربتهم اليومية لتنير حياتهم وتشعرهم بو جودهم أما مشاريع المقابلة ان اجعل من هذه اللوحات التي تحمل تراثنا كتابا يتصفحه العالم فيتطلع الى حضارتنا مجسدة بين يديه و ان هدفي من هذا العمل ان يعيش جيل اليوم في بيت يفوح منه تاريخ أجداده فيلمسه في كل مستلزماته خزانته حاملة ملابسه.......و أريد ان تقدم لتلاميذي درسا في الحياة ان الحرفة وصنعةالاجداد يجب ان نلتفت إليها بعين متطورة و هذا ما تعلمه الدول المتحضرة لابناءها
مع كل الحب والوفاء رجاء. بن موسى التي تلمس من الله رفقا بامها.
Post A Comment: