الكاتب المغربي :عبدالرزاق مرابط يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الشرف المهان"
نظر للسماء مناجيا، برقت عيناه في شيء من الحزن، شرفه سيهان إذا لم يفعل، سيكره نفسه إذا فعل، تقدم خطوات ثقيلة، توقف ليلقي نضرة للخلف، أوقفته مرارة الأمر، لن يحتمل رؤية أصدقاءه الأوغاد، في حركات تشجيعية، يشجعونه ليدخل الجحيم، ندم لقبوله المراهنة، فرح لفرصة اثبات قوته، ولم يعرف كم يلزمه من الشجاعة، أحشاؤه تحترق غيضا، عقله يكاد ينفجر تفكيرا. أما الفريسة فهي واقفة أمامه، على بعد امتار غير معدودة، تعيد ترتيب شعرها الجذاب في وقفة ملؤها الشوق والحنين، تلقي نضرة نحو الساعة البراقة التي تتلآلأ في ساعدها، تيقن أنها تنتظره، تماما كما أفاده أصدقائه المخبرين، توقف من جديد، خاطب نفسه معاتبا « كيف تسمح لنفسك بإفساد سعادتها» عاشت طفلة يتيمة، تتقادفها العائلة قبل أن تجد نفسها في مأوى للأطفال المتخلى عنهم، صدمت، دخلت فترة كأبة، بالكاد شفيت، قاومت، وثابرت، لتجد نفسها خادمة في البيوت بعد سن الثامنة عشر، ضن الكل أنها فريسة سهلة، طلبها الكل للفاحشة، حتى من أصحاب البيوت التي عملت فيها، صدت ودافعت عن نفسها إلى أن جاء منقدها، ضربا موعدا ليكتبا العقد ويعفها، وهاهو ذا سيفسد فرحتها، فقط لأنه جبان، نعم، لو لم يكن كذلك لما قبل المراهنة، الأمر فضيع لكن التراجع أفضع.
«هل أنت ستفعلها حقا؟» لو لم يكن أصدقاءه ينضرون لمر من قربها مرور الكرام، إذا تراجع لن يستطيع الخروج من منزله، لن يتحمل الاستفزازات التي سيسمعها، أراد وقتا أكثر ليفكر، تظاهر بأنه يربط خيوط حذاءه، ضل جالسا لعل معجزة تحدث فيعفى من المهة اللعينة، سمع صوت الأشرار يهتفون به من الخلف، كأنهم يقولون فهمنا لعبتك، لم يلتفت، لا يريد رؤية أيعنهم تحترق شوقا لمشاهدة ما سيفعل، هز يده معلنا همامه بالأمر، استأنف السير والتفكير، نعم... الدين يحرم مثل هذه الأفعال، سيسأله الأوغاد، كم ركعة في الضهر؟ ويفضح جبنه أمامهم، عليه أن يفعلها، لا عيب إن تراجع عن فعلة كهذه، «إذا فعلتها، شرفي سيهان دون شك»، تنفس بقوة، «أعلم ما أنا مقبل عليه، رغم ذلك لن أهين شرفي أمام أصدقائي، لن يرغبوا في صداقتي إن لم اتمم المهمة، بماذا ينفعهم جبان مثلي، سأفعل ما طلب مني ثم أعتذر لها بكون مضطر.»
رفع يده معلنا بدأ المرحلة الخطرة، تقدم نحوها بشعور بين الخوف وتأنيب الضمير، تظاهر في البدأ أنه لم يراها كي لا تخاف منه، في حركة مسرحية انقض عليا كالذئب، أبدت مقاومة عنيفة، تجشأت ،صرخت، ابتعد عني، ابتعد عني، أحاطها بدراعيه، صمتت عن الصراخ، تلاشت مقاومتها، برقت عينيها في شيء من الساعدة والخوف، لم يعلم ما حدث بعد ذلك، توقفت الحياة حتى وجد نفسه في سرير المستشفى يبكي ألما في رأسه، حدثته الممرضة جاهلتا ما حدث:
- لقد كانت ضربة قوية على رأسك لكن أربعة من الشباب جاؤا بك في الوقت المناسب، قالوا أن أحدهم ضربك بقطعة خشب ثم تركك... وهم لا يعرفونك.
بقلم:عبدالرزاق مرابط/ المغرب
Post A Comment: