الأديب المصري / إبراهيم الديب يكتب : "فى صالون العقاد " 


الأديب المصري / إبراهيم الديب يكتب : "فى صالون العقاد "


 

قرأته هذا الكتاب وأنا صغير في بداياتي بعد أن وقعت في يدي ورقة من: مجلة أكتوبر كانت تحتوي الورقة على طعام إفطاري وعلى : إحدى مقالات الكتاب الذي كانت تننشره مجلة أكتوبر مسلسلا  منذ فترة اخذت في القراءة استولى ما اقرأه بداخل الورقة على عقلي ، نسيت تناول الطعام الذي تحمله يدي الاخرى ، في صالون العقاد كتاب فريد في بابه، كتاب :يثيرك ،ويغريك ،ويغويك ذهنيا بقراءته ،يبهرك بتعبيراته الحركية ،وصوره ولغته الموحية ،وقدرته علي، تجسيم الأفكار ،وتكثيف المعاني ،بأسلوب ساحر ومدهش متدفق ،ينساب في سهولة ويسر إلي عقلك، ووجدانك يأخذ بتلابيبك، بوابة واسعة على: عالم الفكر والمفكرين, والكتب والكتابة ,والثقافة الرفيعة, التي تهذب نفس ،و تكون عقل.


كتاب أنيس منصور " في صالون العقاد كانت لنا أيام"  الذي لا أتذكر،  ما هي عدد المرات الذي قرأته فيها بنفس بشغف يفوق كل مرة قرأته فيها سابقآ ، قراءة بنهم شديد، دون ملل ،وفي كل مرة أحاول أن أقف على :سر إعجابي ,ولكني لم أفلح إلى الأن ...فأعود لقراءته من جديد ، علي أصل لسر حبي للكتاب لعل شغفي به يرجع لأسلوب: أنيس منصور: الرشيق السهل السلس الممتع في حد ذات,ه دون أن يتناول أو يناقش فكرة فاسلوبه يستحق القراءة, بصرف النظر عن محتواه فهو موصل بارع لأفكار غيره ،والتي لا تقل المناقشات بداخل الكتاب و العقاد لضيوفه عمقا وغوصا لأغوار كل ما طرح أثناء الحوار الذي يدعك لحظة واحدة لاتقاط أنفاسك فأنت في لهاث شديد, مرهق ممتع أثناء القراءة: قدر سهولة وسلاسة الأسلوب وجمال الكتابة، أما السبب الآخر فهو: حبى أكثر للعقاد ؛ ووقوعي تحت سطوته الفكرية, ونفوذه العقلي وسيطرته علي نفسي ,في هذه الفترة  من عمري ،فمن لم يحظى برضا العقاد  من الكتاب الآخرين أخرجه من حساباتي لا أقترب من كتبه حتى كونت بعد ذلك رأي وأصبحت املك ذاىقة نقدية ،واففت من تبعيتي الفكرية له ، أحتل أخيرا العقاد المكانة الرفيعة التي يستحقها..


 هل سبب ذلك أننى أعتقد بأن العقاد أكبر مفكر ظهر في اللغة العرببة بعد الإمام الغزالي، كنت مؤمن بذلك تماما ووقتها.  وأنا أقرأ "فى صالون العقاد " وهو يحاور: رواد صالونه الذي كان يحضره: أكبر عقول في الثقافة العربية فى ذلك الوقت .....فقد قرأت وتابعت وأعجبت وأحببت مفكرين لمجرد أن أعجب بهم العقاد من باب دروشتي الفكرية بالعقاد منهم: ذكي نجيب محمود ،وعلي أدهم ،وغيرهم. ورفضت آخرين لم يرضي عنهم ولم يحبهم العقاد ,وقد من بينهم أفضل من اللذين أعجبت مسايرة له منهم"لويس عوض' فأنا من فرط ايمانى وحبى للعقاد أقبل ما يقبله وأرفض ما يرفضه من كتب ومفكرين . كنت واقع تحت تأثيره العقلي النفسي وسطوته  الفكرية ....كانت المناقشة  فى صالون العقاد لضيوفه ،و مناقشتهم له في كل مواضيع الفكر الإنساني وفى كل ما أنتجه العقل الإنساني. الفكر ،الأدب ،الفلسفة ،التاريخ ،الأديان ,دنيا بأكملها تتزاحم في صالون العقاد ، فأنت لاتستيطيع إلي أن: تتلقي وتستمتع وتندهس بحرارة الفكر وتدفقه تستقبل بكل كيانك بعقلك ،ونفسك ووجدانك لا تستطيع المناقشة لأنك مبهور ،مذهول ،مصدوم في أحيانا كثيرة من جرأة الأجوبة ،وحينا آخر من جسارة الأسئلة الصاعقة ،لقد عرفت في ذلك الكتاب حجم  أنيس منصور الذي بدا ظلا صغيرا متضائلا  يسبح في فلك  العقاد ،ورأيت ،وعرفت حجم العقاد والذي بدا واضحاً من خلال الحوار و المناقشة وقوة منطقة في مواجهة الجميع  كشجرة؛ سامقة عملاقة ،ف للحوار قدرة على إظهار ما  تضمره الشخصيات المتنافسة ويظهر جليا تكوينها الثقافي المتراكم بداخلها ... بدا جميع ضيوفه ،ورواد صالونه وعلي ما فيهم من قامات عملاقه ؛كأنهم حشائش ،ونبتا صغيرا قصيرا ينظر لأعلي يحاول جاهدا أن يقف أمام عملاق الفكر العربي، كتاب في صالون العقاد: صدى ثقافي وفكرى وفلسفي لعصر بأكمله بعد أن: يعمق كل ما سبق العقاد من خلال المناقشة الثرية, ومن إضافته ،ناقش الكتاب أهم قضايا الفكر والثقافة السابقة لعصور سالفة خلت..



Share To: