الكاتبة السودانية / تسنيم عبد السيد تكتب مقالًا تحت عنوان "لن تندم"
رَكِب نَحَوِيّ - عالم نحو - مع رجلٍ في مركب، بهدف الوصول للضفة الأخرى من النهر، وكان ذلك العَالِم معتزاً بعلمه مفاخراً به، فسأل "المراكبي" هل تعرف النحو؟، فأجاب الرجل: لا، فقال له ذاك العَالِم: لقد ذهب نصف عمرك! وفي تلك الاثناء عصفت رياح قوية بالمركب وعَلَت أمواج البحر وتلاطمت على المركب، فقال الرجل صاحب المركب للنحويّ: هل تعرف السباحة؟ قال لا، قال له: لقد ذهب عمرك كله.
انتهت القصة لكن الدرس يبقى خالداً، ليعلم كل إنسان أنه مهما علِم فهو جاهل، ومهما عَلا فهو دُون، ومهما زاد فهو ناقص. فلا ينبغي التقليل من جهل الجاهلين، ولا تقديس العالِمين، لأنه ببساطة لا يوجد إنسان يعرف كل شيء، لذا نحن نتشارك هذه الحياة يؤدي كل واحدٍ منّا دوره ويصنع قصته لتكتمل بنا جميعاً لوحة واحدة.
إن عدم المعرفة بشيء ليس منقصة ولا عيب كما يظن كثير من الناس، فالبعض يعتقد أن (لا أعرف) ليست رداً شافياً، لذا تُقال على استحياء وكأنها جواباً خاطئاً لسؤالٍ مكرر، بالرغم من أن في قولها ثقة وقوة! والأهم من كل ذلك "صدق"، ولتعلم أيها القارئ أنه مهما ارتفع شأنك وزاد علمك، إن لم تعرف قل (لا أعرف) بملء فِيِك دون فلسفة أو حرج.
وكما قيل قديماً فإنه كلما كان الشخص (أجهل) كلما كانت ثقته في نفسه أكبر، لأن جزء من جهله هو جهله بجهله، وكلما كان الشخص (أعلم) كلما زاد شكه، لأن جزء من علمه هو علمه بحاجته لزيادة علمه.
Post A Comment: