الشاي بِشُرْفَتَيْن | بقلم الكاتبة السورية ألمى حلواني


الشاي بِشُرْفَتَيْن | بقلم الكاتبة السورية ألمى حلواني



يلتحف الشال السميك وبيديه المرتجفتين يُمسك بفنجانه الساخن الذي منع بخاره الكثيف الرؤية عن عدستي نظارته، يقف  بإنتظار قصة جديدة تشغل وقته، سمع أصواتاً لأول مرة من الشرفة المجاورة..

بخطوات رشيقة غيّرت حالة الركود لديه اقترب فظهرت الجارة وبيدها شُجيرة، مدّ عُنُقَه أكثر، فصرختْ مستنكرةً فضوله:


*ماهذا … كيف تنظر لشرفتي وتراقب تحركاتي؟!


-اعتذر، أعلم أنه تطفل غير مشروع لكنْ في الحقيقة هذه أولُ مرة أراكِ هنا وعجبتُ لذلك!


*نعم.. لم أحب الشرفة يوماً لكنّ الفراغ قد…..


(قاطعها قائلاً)

-آه من الفراغ والوحدة، مممم إذاً أنتِ متقاعدةٌ مثلي "قالها مع ضحكة ساخرة"


* متقاعدةٌ بأواخر العشرينات! كنتُ مُضيفة طيرانٍ شغوفة لكن تم فصلي من العمل بسبب الإفلاس، وأنت؟


عجوزٌ في الثلاثين من عمري! عملتُ مُشرفاً على فريق كرة قدم للناشئين،  ومنذ أشهر استغنوا عن خدماتي بسبب ضغط المصاريف؟


*وكيف تتدبر أمرك دون عمل؟


إخوتي يرسلون لي مبلغاً مقبولاً كل شهر؟


* جيد ، أما أنا أصرف من المدخرات ريثما يتغيٍر الوضع وتتحسن الأحوال،

 هل تعلم.. كنتَ تقضي معظم يومك في الملعب وأنا دائماً في الجو، ما كنا لنلتقي يوماً لولا "أزمة كورونا"!



           - هذه الحسنة الوحيدة لها، برأيكِ عندما تنتهي أيام الحجْر هل ستعود حياتنا كما كانت؟ 


*ربما نعم، عندما تخبو تلك الضجة الإعلامية سيختفي الحديث عن هذا المرض تدريجياً من نشرات الأخبار، إلا أنه لن يُمحى من سجلات ذاكرتنا، ٢٠٢٠ أتت سنة على شكل فيلم هزلي طويل.


- أوافقكِ الرأي قد تعود الأيام كسابق عهدها إلا أنه على الأرجح لن تعود وظائفنا السابقة، سأجلبُ لكِ الشاي بينما تُرتّبين شُجيرتكِ الجديدة ونكمل حديثنا الشيّق في شرفتين!!


شَرِبا الشاي بشرفتين مراراً، إلى أن استقرّا في شرفة واحدة يداعبان طفلهما الأول بعد أن أصلح الشاي ما أفسدته كورونا..




Share To: