شقائق الرجال | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 


شقائق الرجال | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد




إن الحركات النسوية التي راجت وعلا ضجيجها في زماننا هذا؛ ليست بدعة مستحدثة، فقد كان ظهورها الأول في القرن التاسع عشر الميلادي، وبداياتها الأولى كانت في الغرب، وسبب نشأتها في تلك المجتمعات، يعود إلى تعامل المجتمع مع المرأة وقتذاك، فكانت تُعامل بقسوة واضطهاد و دونيّة، والاعتقاد السائد وقتها أن المرأة كائن مخلوق لخدمة الرجل وتلبية رغباته، فلم يكن  للمرأة دورًا في الحياة العامة، وليس لها رأيًا ولا صوتًا في المجتمع، فجاءت هذه الحركات لتنادي بضرورة تغيير نظرة تلك المجتمعات الغربية إلى المرأة، وبدأت الدعوات لتأسيس نظام جديد للحياة في الغرب يقوم على المساواة السياسية والاقتصادية والشخصية والاجتماعية بين الجنسين.


ذلك النظام وتلك التوجهات التي تبنّاها الغرب، أصبحت فيما بعد لوائحًا وقوانينًا مُلزِّمة للدول المستضعفة التي لا تملك من أمرها شيئًا، فنجد أنه رغم ضلال وانحراف تلك القوانين إلا أنها توغّلت في كثير من الدول، بجهل وغفلة الحكومات، وانطلت شعاراتها الزائفة على كثير من النساء في العالم العربي والإسلامي، على الرغم من ما فيها من مخالفات صريحة لشرع الله، فلا تناسب الإسلام ولا تمت لتعاليمه بصلة.

فهذا الدين الذي ارتضاه الخالق للبشرية (( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)) قد أعزَّ المرأة وأجلَّها وحفظ حقها في الحياة والعيش الكريم، وحثّ على إكرامها ورفع قدرها وعدم التقليل من شأنها، فهي جزء مهم ومؤثر في المجتمع ولا ينبغي تجاهل دورها، فقال عنهن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ( النساء شقائق الرجال).


برأيي أن دعوات الحركات النسوية للتحرر والمساواة، التي نجحت في الغرب وحفظت حقوق النساء من الظلم والاضطهاد، لن تحل مشكلة لأهل الشرق والمجتمعات الملتزمة بدينها والمحافظة على تقاليدها، فلكل مجتمع خصوصيته في التعاطي مع القضايا المختلفة، خاصة إذا تعلق الأمر بالمساس بثوابت الدين والمبادئ والأخلاق الفاضلة.


في السنوات الأخيرة نجد أن الحديث قد كثُر، وزاد الطرق على مواضيع المساواة وحقوق المرأة، وتصدّرت اهتمامات الناس، ما يوحي وكأن النساء في هذه البلاد مُستَعبَدات لا يحللن ولا يعقدن، وليس لهن من أمرهن شيئًا، لكن الحقيقة أن ما تُنادي به هذه المجموعات أقرب إلى المنافع والمصالح الشخصية التي تتماشى من رغباتهن في التحرر من قيود المجتمع والاحتماء بالقوانين الغربية الموضوعة لممارسة الضلال والانحراف وتشويه صور المجتمعات المسلمة المحافظة، فالواقع يؤكد على ان ما تطالب به هذه الحركات النسوية لا صلة له بظلم حقيقي واضطهاد واقع على المرأة، وإنما دعوات صريحة للتحرر من قيود الدين والمجتمع وتشجيع للانحراف عن السلوك القويم والفطرة السليمة.


أختم بقصة نبي الله موسى عليه السلام الذي أنفق  عشر سنوات من عمره مهرًا لفتاة " مَديَن"، التي وصفها القرآن بقوله تعالى: (( تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء))، لم يصف الله طولها ولا شكلها، بل تحدث عن أغلى ما وجد فيها وهو " الحياء".

ما يلفت الانتباه ويُثير الإعجاب في هذه القصة أن كل ما حرّمه الله في الدنيا أباحه يوم القيامة كالخمر ولبس الذهب والحرير للرجال وغيرها من المُحرّمات،  إلا " العُري" وتأكد ذلك في خطاب الله سبحانه وتعالى لنبيه آدم عليه السلام بقوله (( إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تعرى))، بل من نعيم الآخرة العفة والتستر، ومن هذه الآية يُفهم أن حاجة المرأة للتستر والعفة كحاجتها للأكل والشرب وكلاهما بذات الأهمية والقدر.



Share To: