سوق السراجين وسوق السكاجين | بقلم الكاتبة والفنانة التشكيلية التونسية / رجاء بن موسى


سوق السراجين وسوق السكاجين | بقلم الكاتبة والفنانة التشكيلية التونسية / رجاء بن موسى


 سوق السراجين وسوق السكاجين 


أ تخليدا لفرسان العرب عنترة والنعامة  و حمزة و ابن الوليد 

قد شيد  الباي الحسين بن علي سوق السراجين   يتلوه  سوق السكاجين



أليس للسوق من أجوار !!


فصائغي الفضة والذهب 

 و سبابطي النعال والحرايري  والنجار والحداد 

 قد كان لهم في هذا السوق  مقام


 فتقف اعجابا للمعلم الشاذلي النجار الذي جعل من دكانه معلما أثريا فنيا لسروج الخيول 

تراه يترنم ببلوزته الرمادية وزناره

المتموج فوق جبينه على مالوف صليحة


"بالله يا احمد يا خويا 

يا راكب العتيل "


 

فمن  خشب الصفصاف و الليمون والزيتون   كان قد بنى  هيكلا للسرج  متقن الحبك ولين الملمس


رافعا مقام  القربوس الخلفي حتى يكون  متكأ للفارس  ودرعا  لظهره من غدر الدهر

ولم يجعل رداء الهيكل من  جلد  الجمل خشنا بل لينه  حتى نعم  ملمسه

و ترى رواق السوق قد غدا  أشعث أغبر 

ففرسان الحي قد امتطوا خيول البرق حاملين  رسالة  أجدادهم  شهامة لهم و افتخارا  أمام أقرانهم

فهم من رفعة القوم كبرياء و مقاما


و يجنح البرنس الأبيض على أكتافهم وقد شده حزام  حرير مزهر الأللوان وسروال أبيض فضفاض يكشف عن بلغة صفراء مزركشة تزيدهم بهاء 


هم واقفون  شموخا   و بهاء على السروج 

يصوبون  بنادقهم بارودا  بين السماء و الأرض ثورة على المستعمر 

وهجوما على العدوان

واقتناصا للأسود والغزلان

وفرحا لعروس بين الخلان

 

ولكنك **لن تكون سرارجيا الا اذا احترفت مهنة السكاكجي**


و يشدك الرحيل إلى سوق السكاجين 

لتقف حائرا 

هل أنت أمام  متحف فني أم  أمام  دكان السكاجي


فجمال السروج تسكنك قصور غرناطة  و تلبسك  ألوان أعيادها     و تخلد بتاريخك رسومات  الأمازيغ  


و هل كان  السكاجي أو الشكازي رمالا يرسم  حظه على السراج بالحرير و ينقش بضرب فضة المطارق

حدائق بابل المعلقة

وسعائف نخيل دوز  

و طيور الخطاف

و يشدو لك سلاما صبي قد تحلى بفرملة خمرية  مطروقة حريرا

 يظفر  من قوس قزح قلادة  لتكون عقدا   تزخر حروزا  من سورة *  يس* حصنا من عيون  الحاسدين 

  و تعلق فيها فوانيس  تحدث  ايقاعا سنفونيا بين الرقصات الخيل وايقاعا البنادق

فتخاله محفلا  للأعياد  و المواسم و و الأعراس


و يحتشد القوم اجلالا واكبارا

لموكب ملوك الخيول  يتبختر على السروج   ماسكين بلجام  الحياة واثقين نعالهم في ركاب   من حديد تتصل بحزام مزخرف بنجوم و زهور


و بدعوة من عهد الاسبان نقف لحظات أمام مقام الجندي المجهول رحمة و مغفرة لشهيد  الهوى والذائد عن شرف قومه 

فمقامه تخليدا  لروحه 

و ذكرى لكل عاشق مات في سبيل الهوى و فداء لوطنه


فسوق السكاجين سوق الفن والعشق  والحياة.





Share To: