أبي | بقلم الأديبة المغربية / فوزية مسجيد
أبي الشهم طويل البال والقامة...الذي كان عاشقا بشبابه للموضة...و بريق السينما الآسر...محب لصوت فريد الأطرش واسمهان...منحاز لصوت محمد عبد الوهاب... عمل بكد من أجل عيوننا وكأنه طائر مندور للتعشيش و التحليق...عاش محلقا لا يشبه السرب...ولا يثق بالحياة رغم حبه المميز لها...حتى كان يشبهها بقطعة السكاكر... كلما أوشكت على النهاية زادت حلاوتها...أبي عاش بفلسفة اختيار صلة الرحم مع كل المخلوقات الحية ورعايتها بمسؤولية العبد الصالح الذي يزرع للدنيا من أجل الآخرة ...كانت حياته مزرعة سخية للكرم والمحبة والصدق والحبق وأشجار الصفصاف الباسقة.. أبي سيد رحلات الصيف والشتاء...الحنون رغم صرامة الملامح... المتدين بلطف... كان يسمح لنا بظفر لحيته رغم وقار الشيب... ويبتسم بوسامة عندما نزينها بشرائط شعرنا الملونة ... أبي عند تشخيص قصة هاينة و الغول أو حديدان يصبح حكواتي بالفطرة خفيف الظل...شديد النبل...ثاقب الحكمة... بسيط الممشى... دس لنا القيم بإتقان سرد قصص الأنبياء... ومرر لنا الحياء... وورطنا بالتفاني بالعمل...أبي الحاج عبد السلام رحمه الله سليل المداكرة الأبي .... المدكوري الكريم بكل ما تحمل الكلمة من معاني النبل...و أمي المزابية الواعية التي تجيد تدبير الليالي الحالكات وتحويلها إلى تجارب ملهمة... من مازالت تحفظ لنا ونحن بهذا السن جوازات سفرنا و وصل أداء واجب الانخراط بمهنة المحاماة ...و دفاتر تلقيحنا البرتقالية...تلبس كل يوم نظارات القرب من أجل رؤيتنا أقرب.... ونظارات البعد لترى بعد الأحزان عنا...
Post A Comment: