أحمر بالخط العريض | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 


أحمر بالخط العريض | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد


(مايا) طفلة لبنانية تركت الدراسة بسبب تنمر اصدقاءها عليها بالمدرسة، استضافها مالك مكتبي في برنامجه أحمر بالخط العريض، لتحكي قصتها، التي لخصّتها دموعها قبل الكلمات، فقد تعرضت (مايا) لأذى نفسي جسيم بسبب وحمة سوداء في جزء وجهها، ظهرت بكامل اناقتها وملامحها الملائكية البريئة، أخفت وحمتها السوداء بخصلات من شعرها المسترسل، رغم فرط جمالها إلا أن عينيها تحكي حزناً وانهزاماً وانكسار، فتلك العلامة المميزة كدّرت حياة (مايا) وأعدمتها ثقتها بنفسها، ما جعلها كارهة لخلقتها حتى أنها حاولت إزالة هذه الوحمة عن وجهها بالسكين أكثر من مرة -هكذا قالت-، ظانةً أن قبولها بين اخوتها واصدقائها رهينٌ بزوالها، ولا تعلم أن القلوب والعقول في مجتمعاتنا هي التي تحتاج لعمليات إزالة لكثير من المعتقدات والأفكار النمطية البائسة التي لا تمت للإنسانية بصلة، فلماذا كل هذا السوء أيها السادة؟! ومن الذي قرر وبذر في عقولنا أن للخِلقةِ والشكل معايير على أساسها يتم القبول أو الرفض؟! 


بدت (مايا) متماسكة وهي تتحدث عن المدرسة والأصدقاء، لكن انهمرت دموعها وهي تقول "اخواتي ما بيحبوني"، وعندما سألها عن موقف والديها من تنمر رفاقها بالمدرسة أجابت "ما عملو شي، قالولي انتِ هيك شو نعملك".


لم تنتهِ معاناة (مايا) ولن تنتهي، فالمتنمرون موجودون في كل زمان ومكان، لكن ما كان سيفرق في معادلة (مايا) هو تعاطي مجتمعها القريب ووالديها مع أزمتها، فحتى إن رفضها العالم بأسره لن يؤثر معها كما لو جاء الرفض ممن هم أولى ببذل الدعم والمؤازرة والحب.


إلى الآباء والأمهات: إن مواقفكم وأسلوبكم في التعامل مع أبناءكم منذ نعومة أظافرهم، هو الذي يحدد شخصية هذه الكائنات في المستقبل، فكل مواقف الطفولة ترسخ في ذهن الطفل ولا تُنسى كأنها نقشٌ على جدارٍ أسمنتي كلما جفّ زاد رسوخاً وصعب إزالته، فاحرصوا على نقش اللطف والجمال والمحبة، واحرصوا على إخراج بشر أسوياء للمجتمع بشخصيات متزنة واثقة أياً كان نوعهم أو شكلهم أو عرقهم.


Share To: