حياتك البائسة لا تحتاج لشريك | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 


حياتك البائسة لا تحتاج لشريك | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد




كتب أحدهم معلقًا على حالة صديقه النفسية هذه الأيام "ما عاجبني يافردة" فردّ عليه أحدهم "عرِسو ليهو ببقى كويس" وأتبعها ب "ها ها ها"، وكأن الأمر نزهة أو خروجة للترفيه وتحسين المزاج!

فالزواج ياسادة ليس وصفة علاج للمضطربين نفسيًا وغير الأسوياء! لا تتزوجوا لتستقروا نفسيًا، استقروا نفسيًا أولًا ثم فكروا بالزواج، فحياتكم المضطربة لا تحتاج لشريك حياة وإنما لمعالج نفسي أو إرادة حقيقية لإستعادة التوازن الداخلي والإيمان والثقة.


لكن للأسف كثير من المجتمعات تعتقد أن الرجل يعقل بالزواج ويهدأ ويتحمل مسؤلياته وترتفع اخلاقه وينصلح حاله ويصبح شخصًا آخر، عجبي ما هذا الهُراء! إن صَدَفت وأصبح شخصًا أفضل بعد الزواج فهذا فضل من الله ومن نفسه أولًا ثم تأثير زوجته، لأن إرادة الإنسان الداخلية نحو التحسين والتغيير هي التي تدفعه وليس العوامل الخارجية أيًا كانت.

الحقيقة التي يغفلها كثير من الناس أن الزواج لا يناسب كل النساء، ولا الرجال؛ مثله مثل كل الأدوار في الحياة، لا ينجح في أدائها الجميع، فهناك آباء وأمهات عبئًا على أبناءهم فمنهم المؤذيون القتلى والمجرمون، ولا يكاد يخلو مجتمع في هذا الزمان من اعتداء الآباء على أبناءهم إن لم يكن بإزهاق أرواحهم مباشرة فبالتسبب في قتلهم لأنفسهم وانتحارهم لأنهم لم يجدوا بُدًا من المغادرة والرحيل الأبدي بعد أن جاء الأذى والرفض من أكثر شخص يُعول عليه في حمايتهم والاعتناء بهم "الأبوين"، عليه فليس كل رجل يجب أن يكون أباً، ولا كل امرأة تصلح أن تكون أماً.. كما أن ليست كل المتزوجات سعيدات، ولا كل من أنجبت أطفالًا " أم"، وليست كل مطلقة فاشلة.. 

فالبشر لم يُخلقوا نسخاً من بعضهم، ولم يَخرجوا من بطون أمهاتهم ومعهم " كتالوج" حياة، فيه الزواج إلزامياً لا فكاك منه... فالزواج في حد ذاته ليس إنجازاً كما يعتقد كثيرون، وإنجاب الأبناء ليس فخراً، لكن الفخر الحقيقي يكمن في استمرار المؤسسة بكامل طاقتها من حب وإحترام و ود، وتبلغ الأسرة قمة إنجازها ونجاحها بإخراج أبناء أسوياء صالحون إلى المجتمع مستقرين نفسيًا، مؤمنون، واثقون، يبحثون عمن يضيف لهم لا من يُكملهم.


إلى الآباء والأمهات: رَبوا أبنائكم لزمانٍ غير زمانكم، تَرَفّقوا بهم، اقتربوا من عوالمهم، تعرّفوا على اهتماماتهم، احرصوا على أن تكونوا الأصدقاء الأقرب لهم، ضَيّقوا الفجوات، احترموا عقولهم وأفعالهم، صفقوا لهم، أخبروهم أنهم مميزون بأخلاقهم وليس درجاتهم العلمية، رتبوا دواخلهم المبعثرة بالإيمان والصدق والثقة ولن يضيرهم بعد ذلك شيء.



Share To: