البيضاء و الدار | بقلم الأديبة المغربية فوزية مسجيد 


البيضاء و الدار | بقلم الأديبة المغربية فوزية مسجيد


أستغرب لمدينة رمادية الأحلام ،سريعة ،قاسية ... تسابقك نحو طي يومك بكثير من الندية و العناد لتسلمك لسريرك مستسلما  للعياء...مدينة تتبنى الأناقة والأحذية الفارهة القيمة فتعود لتسدل رموشها بتواضع فتقدم لك التنورات والمعاطف البسيطة...تورطك بأذواق شرقية آسيوية إيطالية ليس لك بها شأن ...فتداهمك بطبق فاصوليا ساخن بأعمق  زقاق بها....مدينة بحرية ،برية ،مالحة القوانين ... معجونة بروائح الأطباق والأصوات الإفريقية...تعيدك إلى كل قوافل الذهب والفضة والدماء و ماء عناء الشعوب المسحوقة تاريخيا وجغرافيا....مدينة تسدد الصفعات بمهارة وتعود لتطبطب على قلب الغريب ...خلطات ريفية فاسية سوسية صحراوية لا تستقيم هويتها إلا بثلك الخلطات بالغة الحدة...مدينة لاذعة الخطاب...صارمة السكنات حثى... عملاقة الحضن...شاسعة التناقضات...لا تستغرب وأنت تسير بها وكأنك بشريط سينمائي...ينقلك من حالة ماء لحالة هواء لحالة عراك...لفرح فحزن.. فحب...لا تستغرب فهي مدينة الغرابة...رغم اللعنات التي تتكبدها من صباح اليوم إلى آخره..تعتذر بسهولة فتمنحك نزهات قصيرة ..تجعلك تلتقي بكل الوجوه الجميلة البسيطة....مدينة عابثة و مؤمنة بالاختلاف...تصلي وتوصلك بالله دون خوف...تعود لتقدم لك الأخطاء دون أن تعلم من ارتكبها...هي مدينة متهورة لكن لا تشي بالأسرار...بل تفضحهم...و تتلاعب بالقيم والناس والأسعار....مدينة دافئة تسمح بمرور ببعض الحب فقط على ضفافها وتوصي الأماكن بالبوح بالسلام...و كلما مررت بجذرانها لا تنسى أن ترد بأحسن التحايا...وعليكم والسلام ورحمة الله وبركاته....هي البيضاء و الدار....




Share To: