فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد 

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد




تبدو قراءة ملامح بعض الثقافات والبلاد مهمةً شاقة خاصةً عندما تتعدد الحضارات وتمتزج الحكايات وتتنوع الأعراق واللغات، لتجتمع على أرضٍ تحمل إرثاً إنسانياً ضخماً، ثرياً، فريداً ومتجدداً كأرض العراق، يشعرك بحالةٍ من الفضول والدهشة والإنبهار على الدوام والرغبة في التوقف عند كمٍ هائل من تفاصيله التي لا زلنا لا نعرف الكثير عنها، لكن يمكننا القول بأن العديد من أبناء هذا البلد العظيم وفنانيه ومثقفيه ساهموا في نقل أوجهٍ متعددة عنه على مدار التاريخ وكان لكلٍ منهم بصمته الخاصة وأسلوبه ورسائله التي أحب أن يوصلها عن وطنه، ولعل فناننا اليوم وهو أحد أهم مبدعي العراق كان من أهم من نقل الثقافة الشعبية ونبض الشارع المحلي وعاداته إلى العالم، فطبع ذلك مسيرته وأعماله وميزها بنكهة خاصة جداً تحمل توقيع الفنان فيصل لعيبي..

فالحديث عن موهبته لن يفيه حقه أو يعبر عن حقيقة ما قدمه من توثيقٍ أخاذ ليوميات العراقيين على اختلاف ثقافاتهم ونقله لحياتهم وهمومهم، وقدرته على ملامسة ذوقهم ورصد ردات فعلهم وتعاملهم مع كل ما يحيط بهم، حيث يمكننا أن نصف لوحاته بالأرشيف المصور الذي استطاع أن يحفظ الكثير من العادات والتقاليد والأعراف الإجتماعية، ويؤرخ لوجودها ووجود بعض المهن التي تلاشت أو ساهمت أنماط الحياة الحديثة والظروف العصيبة التي عاشها العراق في تراجعها بشكلٍ ملحوظ، كما أن دقة التفاصيل وحميميتها في أعماله تضع المتلقي في قلب الحدث بحيث يشعر أنه في قلب بغداد، تلك الجوهرة الفاتنة التي كانت ولازالت وستظل مسرحاً مفتوحاً يعرض أجمل ما أبدعه الإنسان، فعلى صوت مواويلها وايقاعات شوارعها وألوان فناننا البديعة تتحرك شخوصه في فضاءٍ استثنائي من اللوحات الجميلة والحالات المتفردة والوجوه الغنية بالتعبيرات والنظرات الواثقة لشخصياتٍ تملك زمام أمرها وتعرف دورها تحديداً بين رجل الشارع العادي والحرفيين والعمال ومختلف طبقات المجتمع، دون أن ننسى تجسيده المتميز للمرأة في قوالب مختلفة وغير نمطية تؤكد على ثراء الواقع العراقي فهي الأم وربة المنزل وسيدة المجتمع والمرأة العاملة والمثقفة والأنثى الناعمة والعاشقة والقوية والمغلوب على أمرها والمفجوعة في أحبائها إثر فقدانها لهم..

كما أن شخصيات فيصل لعيبي المستمدة من يوميات الشعب تحمل جيناته المعجونة بالصبر والقوة والرزانة والثقة والشهامة التي نقرأها في الوجوه من خلال مختلف لوحاته وكأنها سلسلةٌ مترابطة تعرض حكايات العراقيين عبر العصور وبأساليب مختلفة تتنقل برشاقةٍ بين الأساطير والحاضر، وكأنه يشير إلى أن ما عرفناه من ملاحم خالدة رصعت الحضارات المتعاقبة التي عاشها العراق لم تنتهي، على أمل أن تكون مخاضاً لولادة وطنٍ جديد كما يحلم أبناؤه الذين يجتمعون في أكثر من لوحة وكأنهم يلتقطون صورةّ تذكارية، ونرى في هذه الصور ذلك الحرص على إبراز الأزياء التراثية بما تحمله من دلالات ٍ ومعاني تشير إلى ثقافة ٍبعينها أو حالةٍ اجتماعية أو مهنةٍ خاصة لم ترها الأجيال الجديدة ولم تعش معها الألفة التي كانت تميز علاقة البشر بكل ما حولهم سابقاً، حيث يلاحظ متابعوا أعمال الفنان فيصل لعيبي حرصه واهتمامه بتواجد مختلف مكونات المجتمع وطبقاته وكأنه يستشعر واجبه في نقل صورةٍ أمينة متكاملة فنياً وحضارياً عن حياة الشعب العراقي وتسليمها للمتلقي خوفاً عليها من الطمس والتغيير الذي قد يطالها بمرور الزمن..

وتسجل المقاهي حضوراً لافتاً في أعمال الفنان فيصل لعيبي كملتقى يجمع الناس لمناقشة تفاصيل حياتهم وكأن الرغبة في التلاقي والتجمع والتضافر والتحاور هي الأولوية القصوى للعراقيين ولجميع شعوبنا في المرحلة الحالية بعد حالة الغربة والتشرذم والفرقة لسنوات، وهي الرمز الذي يجمع الناس رغم اختلافاتهم وسط جوٍ من الأنس والبهجة في محاولةٍ لتناسي الخلافات والإختلافات بحثاً عن عراقٍ واحد يستظل الجميع بظله وينضوي تحت رايته..

ولا نستطيع أن نتجاهل الحضور الفريد للأنثى في أعمال الفنان فيصل لعيبي فهي عنصرٌ أساسي وساحر يجعلها محط الأنظار وأشبه بدرة التاج بين إبداعاته، حيث تحضر وتستحضر معها تاريخاً من الحكايات والتراث والجمال اللامتناهي الذي يجعل منها في كل مرةٍ بطلةً مطلقة أو صاحبة دورٍ محوري في أعماله بحيث تصنع الحدث أو تساهم في تحريكه فهي الشيء ونقيضه وهي الماضي والحاضر وهي النور والعتمة وهي فعلياً من بيدها ألوان اللوحة التي ترسمها..

وبعيداً عن القيمة الفنية الكبيرة لأعمال الفنان العراقي فيصل لعيبي فإن للغوص في أعماله متعةً من نوع خاص تستطيع أن تشبع حواسك الخمس بما تمتلكه من إبهارٍ يحملك معه إلى حيث شخصياته بتنوعها واختلاف حالاتها وكأنك تعيش بينها وتسمع حديثها وتشم عطرها مسافراً إلى زمنٍ جميل.. زمنٍ عراقيٍ حالم لا تحتاج فيه إلى أمتعةٍ سوى قلبٍ نقي ومخيلةٍ بحجم هذا الكون..

خالد جهاد..



فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد




فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
خالد جهاد 




فيصل لعيبي.. ذاكرة الشعب العراقي | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
فيصل لعيبي



Share To: