إلى حواء يجدها بخير | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد
إن قدَر المرأة في المجتمعات البائسة، أنها دائماً مثيرة للشفقة! إن لم تتزوج (مسكينة)، تزوجت ولم تنجب أطفال (مسكينة)، تطَّلقت (مسكينة).
فهي بنظر الناقصين لا قيمة لها ولا وزن بغير زواج؛ حتى وإن بلغت بنجاحاتها وإنجازاتها عنان السماء.
لكن الحقيقة أن الزواج لا يناسب كل النساء، ولا الرجال؛ مثله مثل كل الأدوار في الحياة، لا ينجح في أدائها الجميع. عليه؛ فليس كل رجل يجب أن يكون أباً، ولا كل امرأة تصلح أن تكون أماً. كما أن ليست كل المتزوجات سعيدات، ولا كل من أنجبت أطفال " أم"، وليست كل مطلقة فاشلة.
فالبشر لم يُخلقوا نسخاً من بعضهم، ولم يَخرجوا من بطون أمهاتهم ومعهم (كتالوج) حياة فيه الزواج إلزامياً لا فكاك منه، لأن الزواج في حد ذاته ليس إنجازاً كما يعتقد كثيرون، وإنجاب الأبناء ليس فخراً، لكن الفخر الحقيقي يكمن في استمرار المؤسسة بكامل طاقتها من وُد واحترام وتفاهم، وتبلغ الأسرة قمة إنجازها ونجاحها بإخراج أبناء أسوياء صالحين إلى المجتمع.
لست ضد فكرة الزواج، لكن ينبغي التعامل معه على أنه خيار لمن يرغب، وليس مسألة حياة أو موت، كما هو الحال في أكثر المجتمعات العربية، حيث تُجبر المرأة على الزواج، سواءً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فقط ليُقال "متزوجة".
أما في مجتمعنا الأكثر بؤساً، أعرف قصصاً لنساءٍ غيرِ متزوجات وصل بهن الأمر إلى الاعتكاف داخل بيوتهن هرباً من مواجهة المجتمع، وكأنهن ارتكبن فعلاً مُشيناً يستحيّين منه، وأُخريات يتزوجن بمن لا يناسبهن فقط لأجل أن ترفع عنها حرج "غير متزوجة"، لعَمري ما هذا الهُراء؟
إلى الآباء والأمهات:
رَبوا أبنائكم لزمانٍ غير زمانكم، وتوقفوا عن ترديد "متين تكبري، وتبقي عروسة؟"
"متين نفرح بيك؟"
واستبدلوها بـ "متى تصبحين إنسانة ناجحة؟"
"متى تحققين أحلامك؟"
"نحب أن نراكِ سعيدة أياً كانت اختياراتك في هذه الحياة".
ومع كل ذلك أقول:
إن ما لا يناسبك اليوم، قد يناسبك الغد، المهم أن تكون مستعداً ولا تتعجل، فالقطار لا يفوت أحداً، لكنه يدهس الكثيرين حين يتدافعون للحاق به؛ ثم يُدركون وهم في جنازاتهم؛ أن قطارهم الحقيقي كان في الاتجاه المعاكس.
Post A Comment: