شكرًا إبليس | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 


شكرًا إبليس | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد



بعد أن ذاقت خذلان أقرب الأصدقاء، كتبت إحداهن: "‏صداقة الأنثى للأنثى مُزيفة، النساء تجمعهن الخيبة ويفرقهن النجاح! لا تتفاخري بعدد صديقات لا يُحصى لتعتقدي بأنك اجتماعية قادرة على بناء الكثير من الصداقات، لأنه مع مرور السنين ستدركين بأنَّ أغلب من عاشرتهن مجرد فقاعات".

في الحياة نصادف أُناس نعتقد أنهم أصدقاء أعزاء وأحباب مخلصين، ثم نصحو على صفعات المواقف وندرك حينها أن من كُنا نظن بهم خيرًا ليسو أهلًا لذلك الحب وتلك الثقة، وذلك الاكتشاف لا ينبغي أن يكون مفاجئة حزينة! بل على العكس، فانكشاف حقيقة الوجوه وسقوط الأقنعة نعمة كبيرة تستحق الشكر.

أعرف بعض الناس يعتبرون أنفسهم فاشلون في تكوين علاقات انسانية حقيقية، لكثرة خذلانهم في علاقات سابقة، والخوف من الاستثمار في علاقات جديدة قد تنتهي لذات المصير، لكن الحقيقة أننا جميعًا بشر ليس بيننا على هذه الأرض ملائكة، فالخطأ والذلل وارد، لكن أين حدوده؟! فلا يُعقل أن تكون صديقي وتسيء لي في غيابي أو تستغفلني أو تكذب أو تُنافق أو ماشابه، فكل تلك الصفات وغيرها ان وُجدت في أحد من دائرتك القريبة فتلك العلاقة تحتاج لمراجعة وإعادة تقييم.

جميل أن يُسمعك أحدهم أشعارًا في الوفاء والصداقة والمحبة، لكن على الأرض ما حقيقة تلك الكلمات، إذا أخضعنا تلك العلاقة لاختبار الواقع هل سيتطابق القول مع الفعل أم أننا نتوهَّم حبًا وصداقة غير موجودين.


في مقال عنوانه (شكرًا إبليس) يوجه الداعية أحمد الشقيري شكره للشيطان الذي أغوى آدم وحواء وتسبب في خروجهما من الجنة، بعد أن أقسم لهما أنه ناصح (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين)، يقول الشقيري إن من ذلك الموقف يجب أن نأخذ حذرنا ونتعلّم أن هناك من يستخدم اسم الله للاحتيال على الناس، فليس كل من يُقسم صادقًا ولا كل من ينصح أمينًا.

اخيرًا: لن أقول تعامل مع كل الناس بسوء ظن حتى يثبت العكس، لكن أقول تعامل بصدق وكن حقيقيًا في كل المواقف، لا تتجمّل أو ترسم صورة باهية عن نفسك تفضحها اختبارات الواقع، كُن حقيقيًا تقبَّل نفسك بخيرها وشرها وحدد أيهما تريد أن يطغى على الآخر، لا تحاول كسب رضا أحد غير ربك فإن رضيَّ سبحانه وتعالى سيتولى نيابة عنك تلك المهمة وسيدهشك العطاء.



Share To: