"الباب يفوت جمل" الوجه الآخر.. | بقلم الكاتبة الأديبة / آيات عبد المنعم. 


"الباب يفوت جمل" الوجه الآخر.. | بقلم الكاتبة الأديبة / آيات عبد المنعم.



وردَ في مقال "تعرف على قصة المثل الشعبي: الباب يفوت جمل"، للكاتبة سحر شوقي، أنَّ معنىٰ هذا المثل تطور عبر الزمن، فقد كان يُستخدم بالمعنى الإيجابي في العصور القديمة، يُستدلُ بهِ على وسع المنزل، ومستوى أصحابه الإجتماعي، فإذا كان البابُ كبيراً دلَّ على الغنى، لذا كان يحرص البعض على بناء أبواب كبيرة، وعريضة تتسع لدخول الجمال لحمل المتاع إلى داخل المنزل، حالياً يُستخدم هذا المثل للتخلص من الأشخاص غير المرغوب فيهم.


ما جعلني أبحثُ عن هذا المثل، كون الأمثال الشعبيّة ترسم جزءًا كبيرًا من معتقداتنا، وتظلُّ قابعة في عقلنا الواعي واللاواعي، تقفزُ فجأةً من أفواهِ ذاكراتنا، ونقوم بترجمتها على أرض الواقع، نختزلُ بها موقفاً إنسانيّاً نمرُّ به. 


من أيام قرأتُ عبارة صيغتْ في فضاء هذا المثل الشعبي،

«كل ما نكبر بالعمر بيكبر معانا الباب اللي يوسع جمل»، كانت موضوعة بإطار هندسي جميل وسط باب ضيق، وأخذ بالاتساع، جعلني أعبرُ منه بلطف، لأمنح لذاتي مساحة للتفكير.


وجدتُ أنَّهُ لابدَّ أن يكون وراء الباب، عقلاً ناضجاً وقلباً بصيراً، كي نعرف من يستحق أن نفتح له باب بيتنا، ونجلسهُ في بهو المجلس كضيفٍ كريم، ومن نُدخله إلى غرفة المعيشة كعزيزٍ حميم، ومن لا يستحق أن يقف حتىٰ على عتبة الدار.


البابُ لا يختصُّ فقط بدخول الأشخاص، بل بالمعاني المجردة أيضاً، كالأفكار والأحلام والطموحات، والرغبات، الَّتي لابدَّ أن نفلترها وننقدها بجهدٍ دؤوب، نسمح للصالح بالبقاء، ونستبعد الفاسد منها.


علينا أن نمارس كلَّ ما فات بتواضع النُّبلاء سواء إن استبعدنا شخصاً أو اعتنقنا فكرة، بما يُحقّق ضمان القاعدة الأخلاقيّة في أن "لا أكون ظالماً أو مظلوماً".

إنَّ هذا النهج ليس ضرباً من الغرور الزائف، وكأنَّ هناك طرفان: أحدهما حاكمٌ متعالي، وآخر مطرودٌ ومحكومٌ عليه.

القضية أبعد من ذلك لمن اتَّخذ نور الحكمةِ سبيلاً، بها يصنعُ المرء أمانهُ الشخصي، يُدركُ أنَّ مقبضَ البابِ مسؤولاً عن سعادته في الدَّارين، ولابدَّ أن يُحسن الاختيار، قبل أن يفتحَ الموتُ بابه، ويقول كلمته الأخيرة!


هكذا أفهمُ المثل، فماذا عنكم يا رفاق الكلمة؟






Share To: