من أخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: خلق الشجاعة | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


من أخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: خلق الشجاعة | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
 من أخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: خلق الشجاعة | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


إذا كان مقياس الشجاعة هو قول الحق دون خوف أو تردد ، ومواجهة الصعاب والمحن دون قنوت أو يأس ، وصد الباطل وإن علا وكثر أهله ، ونصرة المظلوم وإن علا الظالم وعاند ، وتصحيح الأخطاء وإن كانت عادة ، وبالجملة هي ملك زمام النفس والميل بها إلى طريق الحق ، فأنت سيدي يارسول الله صلوات ربي وسلامه عليك ضربت لنا المثل الأعلى والنموذج الأمثل في الشجاعة والإقدام ، قبل البعثة وبعدها شاركت أعمامك في حرب الفجار ، ولم تتصرف كشباب عصرك من الميل لسماع اللهو وحضور مجالسه وأفعاله، أو السجود لأوثان لا تضر ولا تنفع ، فكنت تملك من شجاعة النفس الفطرية مايجعلك تميز بين الحق والباطل ، ولما لا وقد صنعك الله تعالى على عينه واصطفاك من خلقه ، فكنت كاملا مكمل شجاعا ، تلك الشجاعة التي كانت فطرة فيك ؛ تروي رحلة الإسراء والمعراج التي يتخطى قصصها المنطق وتقديرات الزمن ، لم تتراجع خوفا من ردود أفعال قوم يستغرقون الشهور مشيا على الأقدام أو ركوب الحيوان في مثل هذه الرحلة التي لم يفقد خلالها فراش نومك دفء جسدك الشريف ، فصد من صد ورجع من رجع ، وصدقك من يعلم حقيقتك ، وواجهت هذا المجتمع الجاهلي بتعاليم الإسلام التي دعت إلى تحرير العبيد الذي يمثل الجانب الاقتصادي الأكبر للعرب قبل الإسلام ، ولكنها أخلاق الإسلام التي تقوم على تحرير الإنسان من رق أخيه الإنسان وتوحيد العبودية لله وحده ، كما واجهت بشجاعة فائقة عادة العرب في شرب الخمر وبيعها وصناعتها التي كانت من ثاني مصادر الدخل القومي للعرب قبل الإسلام ، ولكن مقاصد الشريعة الإسلامية تأبى ذلك ، فقد ميز الله تعالى الإنسان عن باقي مخلوقاته بالعقل الذي به يعرف  الله تعالى ويتدبر آياته ويتعلم ويميز بين الخير والشر ، كما واجهت في شجاعة وإقدام عادة العرب في فوضى تفشي الشهوات في النساء ، فحرمت كل صور العلاقات الجنسية بين الرجال والنساء إلا مايقوم على الزواج الشرعي المبني على الديمومة والاستقرار ؛ وواجهت آفات الاسواق المتفشية فيهم فحرمت الربا والاستغلال والاحتكار والغش والغرر وأكل أموال الناس بالباطل ، أما المرأة التى كانت ليس لها شأن ولا شخصية ولا اعتبار بل ظُلمت وكانت تورث كالمتاع ، فجعلت لها شأنا وبوأتها مكانة عالية وجعلتها شقيقة الرجل ، وفي ساحة القتال كنت أشجع الناس وأقرب أصحابك مكانا من العدو ، يتقي بك أصحابك وتبث القوة والشجاعة في نفوسهم ، وإذا ألم بهم فزع كنت أول من يستطلع خبره لتبث الطمأنينة في نفوسهم ، ضربت لنا أعظم المثل في الثبات والقوة وقد تفرق عنك الناس يوم حنين اضطرابا وخوفا من الكمين المفاجئ للعدو ، بل بلغت شجاعتك ذروتها في هذا اليوم وقد انكشف عنك جيشك ، وأنت مع هذا راكب بغلتك التي لا تصلح لجري ولا لقر ولا لفر وتعلن عن نفسك ليعرفك من لا يعرفك إلى يوم الدين أبدا ، ثقة في الله تعالى ، وحسن توكل عليه  وعلما منه بأنه سينصرك ويتم نعمته عليك ويظهر دينك على سائر الأديان ،  فأنت النبي لا كذب أنت ابن عبد المطلب  . صلوات ربي وسلامه عليك يارسول الله ماتعاقب الليل والنهار ، وما صدحت على الأفنان أطيار .





Share To: