وجوه! | بقلم الكاتبة السودانية هنادي إسحق
![]() |
وجوه! | بقلم الكاتبة السودانية هنادي إسحق |
وجوه آدمية إستسلمت طويلًا للموت والعذاب ثم إندفعت على حين غرة في أعياد الإنتظار المبهجة، تزحف بحماسة لانهائية نحو المجهول أو الآتي أو القبر دون أن تستطيع بوصلتها الجماعية إستطلاع الإتجاه. وإذ بدأ الحشد يزحف بأقصى قدر وتعالت الزغاريد، تدفقت العواطف ساخنة وبلغ الهياج ذروته. شقت الجموع المتراصة طريقها وسط الوحول، قاذفة بحمم حماساتها ورغبتها الدفينة لهاث متصل كالهراء، ونحو هدف مجهول أو هو المجهول عينه كانوا يزحفون ويزحفون مبللين بالمطر والقلق والضياء. كالعميان أو الحمقى أو المجاذيب تسوقهم من أيديهم الرخوة رغبة جنونية من عيار تلك الرغبات الفجائية الفالتة من أفلاكها الحزينة من مجراتها السماوية الداكنة المشبعة بالظلال، فتغدو الوجوه المصفرة أكثر إصفرارًا كزهرة البردي تتفتح في ساعات الفجر. هكذا تبدو الوجوه الزاحفة. فيض جنوني من المشاعر المتلاطمة... سيل جارف من الأحاسيس الدفينة التي تستيقظ دفعة واحدة عند قرع الطبول والنداءات، لاشواطيء، لاتخوم، لامحطات! كل شيء مفتوح على مصراعيه. القلق والهواجس والظنون؛كأبواب متآكلة تركها الزمن لرحمة ريح هوجاء فعبثت بها بصخب وضوضاء، كثقب أو فجوة أُحدثت في نبع ماء فوق الجبل تلك هي أرواحهم! تفيض تدلق شظاياها. كانوا يزحفون. يركضون كأنهم ينظفون قلوبهم وأرواحهم الخائرة من صدأ السنين، من الخبث والألم والمكابدات، من التعقل الزائف، من الإمتثال والتماهي، من الإنتظام والتساوق والخنوع، من اللاعدالة والأكاذيب، من عبث الإستسلام، هكذا كانوا يتقدمون وكان الإنصياع دون أدنى رد فعل للنداء الغامض في المضي قدمًا إلى الأمام في إختراق الظلمة لملاقاة اللاشيء... اللامعنى !.
Post A Comment: