دفع الشبهة عن زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها وهي صغيرة | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


دفع الشبهة عن زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها وهي صغيرة | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
دفع الشبهة عن زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها وهي صغيرة | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة


قد يقع البعض في فهم سقيم ويبيح زواج البنت وهي صغيرة لم تتجاوز العشر سنوات بدعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج السيدة عائشة وهي بنت تسع سنوات وعقد عليها وهي بنت عشر ، وهذه دعوى مردودة على قائلها وفهم سقيم للمسألة لما يلي : 

 ثبت بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد على عائشة وهي بنت ست سنوات ودخل بها وهي بنت تسع سنوات ومسوغات ذلك مايلي : 

1- أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها بوحي من السماء 

فقد ورد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أريتك في المنام ثلاث ليال ، يجيء بك الملك في سرقة من حرير ، فقال لي : هذه امرأتك ، فكشفت عن وجهك الثوب ، فإذا أنت هي ، فقلت : إن يكن هذا من عند الله يمضه " . متفق عليه . وصدقت هذه الريا باقتراح خولة بنت حكيم .

3- لم تكن خطبته صلى الله عليه وسلم لها  برغبة شخصية منه، وإنما كانت باقتراح "لخولة بنت الحكيم" على الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لتوطيد الصلة مع أحب أصحابه وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وحينما اقترحتها كانت تعتقد أنها تصلح للزواج وسدّ الفراغ بعد موت السيدة خديجة رضي الله عنها.


2- أن زواج الصغيرات في هذا الوقت لم يكن أمراً مستهجن أو معيب بدليل أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت مخطوبة قبل زواجها فلم يكنْ النبي صلى الله عليه وسلم أول الخاطبين لها، بل كانتْ مخطوبةً لجبير بن مطعمٍ

3- لو كان زواج الرسول مِن عائشة مستهجنًا في هذا الوقت، لطَعَن بذلك كفار مكة؛ لوجود المقتضي وهو كُفرهم، وعدم المانع وهو تمكنهم، فهم الذين يعادونه، ويسعون للقضاء عليه، وإبعاد الناس عن الانخراط في دعوته، وينتظرون له زلةً، أو سقطةً؛ ليشنعوا عليه، فلما لم يحصل شيءٌ من هذا، علم أن هذا كان شيئًا معلومًا في ذلك العصر، وهذا من أعظم البراهين القطعية على أن زواجه بعائشة كان أمرًا طبيعيًّا من الناحية الاجتماعية، ولا عيب فيه؛ لإقرار كفار قريشٍ به، وعدم التعرض له، مع حِرْصِهم على رميه بكل بهتانٍ ليس موجودًا فيه أصلًا؛ مثل قولهم: شاعرٌ أو مجنونٌ.


4-  يبيِّن هذا - أيضًا - أن عائشة - رضي الله عنها - وفي تلك السن المبكرة كانت أفرغ بالًا، وأشد استعدادًا لتلقي العلم، من بقية أمهات المؤمنين؛ حيث كنَّ كبيراتٍ في السن، ولا شك أن التعلم في الصغر كالنقش على الحجَر، فجمعت من علم النبي وأحاديثه ما فاقتْ به الصحب الكرام، ولنتأمل قول الإمام الزُّهْري: "لو جُمِع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين، وعلم جميع النساء، لكان علم عائشة أفضل"، ويقول عطاء بن أبي رباح: "كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة".


5-  وتفردت الصِّدِّيقة - رضي الله عنها - برأيٍ، وسنةٍ بينةٍ، وزيادة علمٍ متقنةٍ، حتى أنكرتْ على علماء زمانها، ورجع فيه إليها أجِلَّةٌ من أعيان أوانها؛ لما حررته من فتوى، أو اجتهدت فيه من رأيٍ رأته أقوى.

6 - أن زواج الرجل من فتاة صغيرة ليس بدعًا في ذلك العصر، ولا في العصور التالية له، خاصة في البلاد التي تقوم على النظام القَبَلِيّ، ولا أدلّ على ذلك من زواج "عبد المطلب" الشيخ الكبير في السن من "هالة" بنت عمّ "آمنة" في اليوم الذي تزوّج فيه "عبد الله" أصغر أبنائه من صبيّة هي في سنّ هالة، وهي آمنة بنت وهب.


7- ومن التجني في الأحكام أن يُوزَن الحدث منفصلاً عن زمانه ومكانه وظروف بيئته، فكيف يحاكمونه بعد أكثر من ألف وأربعمائة عام من ذلك الزواج، فيُهدرون فروق العصر والإقليم، ويطيلون القول فيما وصفوه بأنّه الجمع الغريب بين الكهولة والطفولة، ويقيسون بعين الهوى زواجًا عُقد في مكّة قبل الهجرة بما يحدث اليوم في بلاد الغرب؛ حيث لا تتزوّج الفتاة عادة قبل سنّ الخامسة والعشرين في الوقت نفسه الذي تمارس فيه الجنس دون العاشرة.؟!  


ولا يستساغ لقائل أن يقيس زواج الصغيرات اليوم بزواج النبي بعائشة رضي الله عنها وله أن يضع بين نصب عينيه هذه التساؤلات :

1- هل ابنتي مثل عائشة رضي الله عنها ؟ 

2- وهل زوجها مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي كان يقدر حداثة سنها ، فيلاعبها ، ويسابقها ، ويسرب إليها صويحباتها يلعبن معها ، وتزوجها بوحي من السماء ؟

3- هل الطفلة التي لم تتعدى المرحلة الابتدائية مؤهلة بدنياً للزواج ، والحمل ، والإنجاب ؟

4- هل هذه الطفلة قادرة على رعاية الأطفال ، وهي تحتاج من يرعاها ؟

5- هل عَذب وجود البالغات الصالحات للزواج حتى تُزوج الصغيرات ؟




Share To: