طلب إجازة | قصة قصيرة بقلم الأديبة المصرية/ خلود أيمن 


طلب إجازة | قصة قصيرة بقلم الأديبة المصرية/ خلود أيمن
طلب إجازة | قصة قصيرة بقلم الأديبة المصرية/ خلود أيمن 


 السلام عليكم ، 

طلب إجازة : 

بعد أنْ دقَّ باب المكتب دلف إلى الداخل في الأمر الذي جاء من أجله وبمجرد أنْ نظر إليه المدير وولَّاه اهتمامه تقدَّم بطلب إجازة لقضاء بعض الوقت مع أسرته ، فما كان من المدير إلا أنْ امتعض وقطَّب جبينه واستشاط غضباً وصرخ في وجهه وطرده من المكتب في الحال ، لقد تعجَّب الرجل من رد الفعل الغريب هذا ولم يتفوه بكلمة عقب طرده المباشر من المكتب ، ولكنه استكمل يومه بكل هدوء وتحكم في انفعالاته محاولاً تناسي ما حدث منذ قليل وكأنه لم يكن ، عاد إلى مكتبه واستأنف عمله ثم ذهب إلى البيت وكان الغضب قد هاجمه تارة أخرى فلم يَقُل كلمة طيبة في وجه أحد ، دخل حجرته في صمت تام وبدَّل ملابسه ثم غطَّ في نوم عميق وطلب من الجميع ألا يزعجوه ولو لم يَفُقْ إلا صباح اليوم التالي الذي لا يعلم ماذا سوف يكون مصيره وماذا سوف يفعل فيه ، لم تفهم زوجته شيئاً مما يجري فهو لم يَشْكُ ولم يتكلم من الأساس ، انتقل إليها التعجب والدهشة هي الأخرى ، لم تُحادِثه في الأمر ، حضَّرت له الفطور على اعتقاد أنه ذاهب إلى العمل كما هو معتاد ، ذهبت لإيقاظه ولكنه زجرها بيده بعيداً فلم تفهم ماذا عليها أنْ تفعل ، قام من نومه بعد إجهاد شاق في اليوم السابق ، لم يكن يعلم ماذا يريد وهل سيذهب إلى العمل بالفعل أم سيُقدِّم استقالته أم سيأخذ يوم راحة دون إذن من هذا المدير الفج المتعالي الذي يُعامِل الجميع حسب مزاجيته ، ولكنه قرر أنْ يتخلى عن تلك الأفكار الشيطانية وذهب لعمله وأمره لله ، بمجرد أنْ لمحه المدير ناداه بصوت هادئ على غير عادته واعتذر منه ووضَّح له المبرر الذي جعله يتعامل معه على هذا النحو ولكنه أيضاً اتهمه بالتهاون والاستهتار واللامبالاة فكيف يتجرأ على طلب إجازة في تلك الظروف العصيبة التي تمر بها الشركة في الوقت الراهن من قلة العمالة وانعدام الدخول وندرة الأرباح وغيرها من المشكلات التي هو على علم بها بالفعل ، فاعتذر الموظف على ما بدر منه من تصرف غير مسئول موضحاً أنه كان بحاجة لتلك الإجازة بسبب ضغوط العمل التي لا تنتهي طوال العام ، فوعده المدير بتنفيذ طلبه حينما تسمح الظروف بذلك فانصرف وقد دبَّت في نفسه طاقة للعمل بشغف من جديد وهذا هو الفارق الجوهري بين العمل مع مدير ينظر لتصرفاته ويراعي ظروف الموظفين ومشاعرهم ومع آخر لا يهتم بنفسية موظفيه أو يحاول تعديل سلوك صدر عنه عن غير عمد وقد يساهم في ضياع العمال من بين يديه أو تهاونهم في العمل دون أدنى تفكير في الصالح العام للمنشأة التي تُدِّر الأجور على الجميع حينما تسير عجلة الإنتاج على ما يُرام دون تقصير أو تخاذل من أحد ...




Share To: