من الأشهر الحرم شهر رجب | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 


من الأشهر الحرم شهر رجب | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف



ها نحن فى شهر رجب، وهو أحد الشهور الأربعة الحُرُم التي يُحرَم فيها القتال .


قال تعالى :


إن عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يومَ خلق السموات والأرض منها أربعة حُرُمٌ ذلك الدين القيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم 


وهذه الأشهر الحرم هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب .


وشهرُ رجب عرف بشهر العبادة والطاعة ولا عجب في ذلك.

أنظر كيف احتفظ الإسلام لشهر رجب بمكانته وذلك لأن الصيام فيه وفي غيره من الأشهر الحرم مستحب، فقد وُرِدَ أن رجلا من باهِلة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أنا الذي جئتك عام الأول، فقال: فما غيّرَك وقد كنتَ حسنَ الهيئة؟ قال: ما أكلتُ طعاما إلا بليل منذ فارقتُك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لِمَ عذَّبتَ نفسك؟ ثم قال: صُم شهر الصبر ويوما من كل شهر .

قال: زدني فإن بي قوةً.

قال: صم يومين.

قال: زدني.

قال: صم من الحُرُم واترك.


وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يصوم عبدٌ يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفا .


 إن الواجب في مثل هذه الأشهر الحُرُم تركُ ظلم النفس فيهن بترك المُحَرّمات، وتجنّبُ المنهيّات، والاستزادةُ من فعل الخيرات والانكباب على الطاعات، وعبادة الله بدون ذِكْرِ فضيلةٍ لعمل مُعَيّن بدون دليل ، فعبادة الله تعالى في كل زمان ومكان، وتزيد في ما خصّه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عن غيره من الشهور، ويجب على الإنسان أن يبتعد عن ظلمةٍ لنفسه والإساءة إلى شخصه بمعصيته لخالقه، وخاصةً ما يتساهل فيه بعض الناس من صغائر الذنوب ومُحقرات المعاصي.


وعن أنس رضي الله عنه قال: إنكم لتعملون أعمالا هي أَدَقُّ في أعينكم من الشَّعْر، إن كنا نعدّها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الموبقات، قال أبو عبد الله يعني بذلك المهلكات.


وإذا كانت الطاعة واجبة في كل الأوقات، فإن الطاعة في الأشهر الحُرُم تكون أوجبَ وبالتالي، فإن الطاعات فيها يتضاعف أجرُها، وإذا كانت المعاصي والآثام محرمةً في كل وقت، فإن العقوبة تتضاعف عندما يحدث ذلك في الأشهر الحُرُم، وكذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا.


هكذا أقام الإسلام موازين العدالة ونَصَبَ مشاعِلَ الهداية ودعمَ أركان الإسلام في كل مكان، ولو طبقت تعاليمُه لعاشَ الناسُ جميعا أخوةً متحابِّين مُتعاطفين مُتراحمين غير مُتزاحمين ولا مُتكالبين ولا مُتنافسين، لا تفرقهم الدنيا ولا ينزع بينهم الشيطان.


عظِّموا شرع الله وعظِّموا دينَه وتمسّكوا به لعلكم تُفلحون، قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 


إن فيمن قبلكم رجُلين كان أحدهما صالحا وكان الآخر مُسيئا، فكان الرجل الصالح يأمر هذا وينهاه، فلما طال الأمد قال: واللهِ لا يغفرُ الله لك، فَقَبَضَهما اللهُ فأَوْقف هذا بين يديه، وقال: من يَتأَلّى عليَّ أن لا أغفرُ لفلانٍ قد غفرتُ له وأَحْبَطتُ عملَك. 


واعلموا أنّ دينَ الإسلام دِينُ الحنيف، واحفظوا دينَكم، ولْتسألوا عن دِينِكم أهلَ العلمِ كيْ تنالوا من الله أجراً قال تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون .



Share To: