الطريق من هنا! | بقلم الدكتور أحمد الطباخ


الطريق من هنا! | بقلم الدكتور أحمد الطباخ
الطريق من هنا! | بقلم الدكتور أحمد الطباخ


***********

هذا العنوان هو لكتاب عظيم ، وسفر

جليل ، وضعه عالم رباني من علماء أزهرنا الشريف هو الشيخ الغزالي الذي تنبض كتاباته بالصدق الذي تبوح بها سيل كلماته التي تحمل من المعاني الصادقة والمشاعر الجارفة والفصاحة التي لا تحتاج الي كثير من العنت في فهمها ووضوحها ، حيث طرح فيه الشيخ رحمه الله رؤيته حيال ما تعانيه الأمة من ضياع لتلك الفريضة التي غابت عنها ، ولم تعد تبالي بها ، وهي الأمة صاحبة الأمجاد والحضارات والاسهامات في مختلف العلوم ، فأراد ان يوضح الطريق ، فبين أنه من هنا حيث الإسلام في علومه وحضارته التي حق لنا أن نفخر بها ، ونزهو بما قدمه علماؤنا الأوائل من إسهامات يعرفها أهل الغرب والشرق أكثر من معرفتنا نحن بها ، حيث كانت أمريكا وأوربا عيالا علي علم آبائنا ، ونظريات أجدادنا في مجالات الفلك والرياضة والفيزياء والكيمياء والطب والعمارة وجميع علوم الحياة ، وما يزال علم المناظير للحسن بن الهيثم مرجعا في موضوعه إلي اليوم ، ويروي الشيخ الغزالي رحمه الله في كتابه الطريق من هنا فيقول : في جامعة تونس أستاذ فرنسي كان يدرس علم الضوء أو البصريات ، كما يسمي في ثقافتنا ، وكان الأستاذ معجبا كل الإعجاب بقانون الهازان الذي اكتشفه أحد علماء العصور الوسطي ، وسبق به سبقا بعيدا  فتح به فتحا جديدا.. ، وسأله الطلاب : لكن من الهازان هذا ؟ 

فقال : أظنه من كبار العلماء الأسبان ، وذهب الطلاب إلي الدكتور بشير التركي ، فأجاب الهازان : هو الحسن بن الهيثم العالم العربي المسلم الشهير ، وهو راسخ في علم البصريات ، ولا تقل مكانته عن آينشتين وأمثاله ، وأن قانونا الضوء والصوت المنسوبان إلي ديكارت صاحبهما هو الحسن بن الهيثم ، وذهب الطلاب إلي الأستاذ الفرنسي بهذه الإجابة فلم ينطق بكلمة ، وكل ما حدث منه أنه اضرب إضرابا تاما عن الإشارة من قريب أو بعيد إلي قانون الهازان هذا ، فما ذكره بخير ولا شر .

يقول الشيخ معلقا علي هذا في كتابه : وظاهر أن الأستاذ قد بوغت بعظمة عالم مسلم ، وهو يمقت الإسلام من الأعماق فلاذ بالصمت ، وطوي القصة كاملة .

إن الطريق إلي الوصول للتقدم لن يتم ويكون إلا بالعودة الصحيحة إلي هذا الدين الذي هو دين العلم ، فلا طريق سوي ذاك ، ولا سبيل للخروج مما حاق بنا إلا هذا الطريق ، وكما يقول الشيخ في كتابه : إن الله جعل معرفته والحفاظ على حقوقه مربوطين بدراسة الكون والتمكن فيه ، فإذا كنا خفافا في هذه الدراسة ، أو كنا ذيولا لغيرنا ، فهل نحن بهذه الخفة عارفون بالله قادرون علي صيانة حرماته .

فلم يكن الإسلام عائقا علي الاطلاق ، وإنما كان الدافع الذي دفع الأمة لتفجر طاقاتها الإبداعية في شتي مناحي الحياة ، وكما يقول الدكتور عماد الدين خليل في كتابه "تهافت العلمانية" : كنت أعرف دائما أن الحضارة تحتاج الي دين ، وأن حياتها أو موتها يتوقفان علي ذلك .



Share To: