في شهر شعبان | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
في شهر شعبان | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف |
نحن في شهر شعبان وهذا الشهر نستعد فيه لرمضان بلغنا الله وإياكم رمضان وهذا الشهر فيه أمرين عظيمين وهما: الأول مغفرة الله لجميع خلقه إلا المشرك والمشاحن .
والثاني فيه ترفع الأعمال إلى الله تبارك و تعالى
نقف معهما سريعا .
الأمر الأول نستعد له بعملين :العمل الأول هو التخلصِ من جميعِ صور الشرك وشوائبه ، وما أكثرُ الشوائبُ في كثيرٍ من القلوب ، فلنجدد التوبةَ إلى الله من ذلك كله قبل النصفِ من شعبان.
العمل الثاني إصلاحُ ذات البينِ قبل النصف من شعبان .
عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إنَّ اللَّهَ ليطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلَّا لمشرِك أو مشاحنٍ .
رواه ابن ماجه
إذن من كان عنده شيء من الشرك فيليتخلصَ منه ويتُوبَ إلى الله قبل النصفِ من شعبان ومن كان بينه وبين أخيه خصومةٍ فليبادر ويصالحهُ ، وإن كنت تعلم ، أن هناك خصومةً بين اثنين فسارع وصالحهما قبل النصفِ من شعبان حتى ينالوا مغفرة الله سبحانه وتعالى .
الأمر الثاني في شهر شعبان ، هو رفعُ الأعمالِ إلى الله تبارك و تعالى .
وهذا نستعد له ب صيام التطوع :
والأعمال ترفع إلى الله في ثلاثةِ أوقات ، وهي كالآتي:
ترفعُ يوميا صباحا ومساء ، وأسبوعيا كل اثنين وخميس وترفع إلى الله سنويا في شهر شعبان.
أما الرفعُ اليومي ؛ عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إنَّ اللهَ لا ينامُ ولا ينبغي له أن ينامَ يخفِضُ القِسطَ ويرفعُه ، يُرفَعُ إليه عملُ اللَّيلِ قبل النَّهارِ وعملُ النَّهارِ قبل اللَّيلِ.
أخرجه مسلم وابن ماجه وأحمد وابن خزيمة واللفظ له
وأما عرضُ الأعمالِ في كل اثنينِ وخميس ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يَومِ خَمِيسٍ واثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ في ذلكَ اليَومِ، لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا، إلَّا امْرَءًا كانَتْ بيْنَهُ وبيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ، فيُقالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا، ارْكُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا.
رواه مسلم
وعَنْه رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ .
رواه الترمذي
والرفع السنوي في شهر شعبان ؛عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال :
قلتُ يا رسولَ اللهِ لم أرَكَ تصومُ شهرًا منَ الشهورِ ما تصومُ مِن شعبانَ؟ قال: ذلك شهرٌ يَغفَلُ الناسُ عنه بين رجبٍ ورمضانَ وهو شهرٌ تُرفَعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالَمينَ، فأُحِبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأنا صائمٌ.
فهذا الحديث يبين لنا فضل كثرةِ الصيام في شهر شعبان ؛ وهناك نهيان
كما في حديث : أبي هريرة رضي الله عنه إذا انتَصفَ شعبانُ فلا تَصوموا .
أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه
ومعنى الحديث
أنه يُنهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان إما على سبيل الكراهة أو التحريم ، إلا لمن له عادة بالصيام ، أو وصل الصيام بما قبل النصف ؛فهذا النهي لمن لم يصم قبل منتصفِ شعبان .
على سبيل المثال رجل ليس له صيام يواظب عليه قبل شعبان ، ولم يصوم قبل النصف من شعبان فهذا هو المقصود بالنهي في الحديث إذا انتَصفَ شعبانُ فلا تَصوموا .
ولو صام يوما قبل منُتصفِ شعبان لخرج من النهي ؛ وأما الذي صام قبل النصفِ من شعبان ،
فله أن يصوم بعد منتصف شعبان .
وأما النهي الآخر المنهي عنه :أن يأتي أحد قبل رمضان بيوم أو يومين ، ويقول أنا أصوم قبل رمضان بيومٍ أو يومين احتياطا لرمضان ، فهذا منهي عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم
لا تَقَدَّمُوا رَمَضانَ بصَوْمِ يَومٍ ولا يَومَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْهُ.
صحيح مسلم
وأما الذي له صيام يصومَه كمن هو مواظبٌ على أن يصوم يوما ويفطر يوما أو صيامُ الأثنين والخميس مثلا
فهذا خارج النهي الأول الذي بعد منتصف شعبان والنهي الثاني الذي قبل رمضان بيوم أو يومين ، فإن وافق يوم الخميس مثلا قبل رمضان بيوم أو يومين فله أن يصوم ، وليس هو المقصود بالنهي.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله إلا قليلا كما في الحديث كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلا قَلِيلا .
نسأل الله أن يبلغنا رمضان
اللهم إنا نسألك التقى و الهدى و العفاف و الغنى.
Post A Comment: