ترضى لترقى | بقلم الكاتبة السودانية / تسنيم عبد السيد 


ترضى لترقى | بقلم الكاتبة السودانية / تسنيم عبد السيد
ترضى لترقى | بقلم الكاتبة السودانية / تسنيم عبد السيد 



    يُحكى أن رجل أعمال كان يقف على الشاطئ ذات يوم، فرأى صيّادًا يلملم عدته ليغادر ومعه سمكة واحدة! سأله رجل الأعمال كم من الوقت استغرقت لتصطاد هذه السمكة؟ أجابه الصيّاد: ساعتين، فقال له رجل الأعمال: لماذا أنت ذاهب ويمكنك أن تبقى ساعتين وتصطاد سمكة أخرى والنهار ما يزال في أوله؟ فأجابه: هذه السمكة تكفينا لليوم، فقال له رجل الأعمال: وماذا ستفعل في بقية ساعات اليوم؟ رد الصيّاد: أعود إلى بيتي أرتاح وأنام وألعب مع أولادي وأشرب القهوة مع زوجتي وفي المساء ألتقي بأصدقائي نتسامر ونغني وأعزف لهم على الجيتار.

رجل الأعمال لم يستوعب كلام الصيّاد ونصحه بأن يقضي وقتًا أطول في الصيد، ويصطاد المزيد من الأسماك حتى يبيعها ويشتري مركب خاص ومن ثم يتضاعف انتاجه ويحترف المهنة، وعرض عليه أنه سيساعده، فقال له الصيّاد: وبعدين؟ فأجابه رجل الأعمال: يصبح لديك مال وتشتري مزيد من المراكب ويمكن أن تبيع داخل وخارج البلد وتفتح شركة، فسأله الصيّاد هذه العملية كم تتطلب من الوقت كي تنجح معي؟ فأجابه: بحسب معلوماتي من 10-15سنة، لتصبح من أصحاب الأموال، فأعاد الصيّاد سؤاله الأول، وبعدين؟! قال له رجل الأعمال: بعدها يمكن أن تبيع الشركة وتصير من أصحاب الملايين وتجلس بالبيت تلعب مع أحفادك وتشرب القهوة مع زوجتك وتستمتع بوقتك مع أصدقائك وتعزف الجيتار، ضحك الصيّاد وقال له: لماذا إذًا انتظر 15 عامًا حتى أفعل الأشياء التي أفعلها اليوم!!

الصيّاد ربما لا يملك مال كثير لكنه واعٍ بما يملكه من نِعم في حياته لا تُقدر بثمن، فالحياة ليست فقط أهداف وانجازات وأموال، بل لحظات نقضيها مع من نحب، ونفعل أشياءنا التي نحب، رجل الأعمال ما رأى بحياة الصيّاد غير عمله، لكن الصيّاد ممتن لتفاصيل حياته الصغيرة، وسعيد بتلك الحياة التي صمّمها على ما يملكه لا ما ينقصه.


    لذا فإن من قال "القناعة كنز" فقد أصاب، لأنه حتى وإن قررت استبدال وضعك الحالي بأفضل منه فلن تفلح إلا بقبوله أولًا ثم البحث عن مزيد، لأنه ببساطة إن لم ترضى فلن ترقى، وإذا لم تسعد وتقنع بالقليل فكنوز الدنيا لن تغنيك.


    أخيرًا أردد ما خلصت إليه كل تنظيرات علماء النفس والإجتماع الحديثة حول مفهوم النجاح، لقد تطابقت تلك الآراء والتقت في تعريف أوحد للنجاح "To Be Happy " أي أن تكون سعيدًا، فقط كذلك وبهذه البساطة! أيًّا كان ما تفعله بحياتك طالما أنه يسعدك، فأنت ناجح.




Share To: